الإرهابي … أخبرني يا صديقي القارئ ,ما الصورة التى استحضرتها فى ذهنك عندما قرأت عنوان المقال؟
لا حاجة لى بأن تخبرنى , فأنا أعلم بالتحديد ما الصورة التى تكونت فى ذهنك من غير ان تجيب .
ففور أن قرأت العنوان, لم ترى إلا صورة واحدة لذلك الإرهابى ,وهى صورة المسلم صاحبة اللحية الكثيفة والجلباب القصير والذى يسب الناس بسبب او بدون بألفاظ عربية فصيحة .
وهنا يأتي السؤال الأهم , ما الذي جعلنا نستحضر هذه الصورة المحددة ؟
لماذا لم تستحضر ذاكرتنا مثلاً الرجل ذو الملامح الامريكية او الصهاينة مثلاً ؟
ومن الذى وضع تلك الصورة فى رؤوسنا ؟
الاجابة بسيطة للغاية .. وهى أن هذه الصورة شكلها الإعلام فى عيوننا ,وطبعها فى عقولنا , فلم نرى غيرها لشخصية الارهابى , فمنذ عقود لا يتناول الإعلام صورة للإرهابي غير الصورة التى ذكرناها , سواء فى فيلما سينمائياً أو مسلسلا تلفزيونياً أو برنامجاً حوارياً , فلا تجد فيلماً يتناول موضوع الإرهاب, إلا وتجد الارهابى صاحب اللحية والجلباب القصير والأوصاف التى ذكرناها , ولا تجد رسما كاريكاتورياً يصف الإرهابي إلا وتجد نفس الأوصاف تصاحبهما الأنف المعقوفة بالطبع .
والسؤال الآخر هنا .. لماذا صورة المسلم خصيصاً هى من يتناولها الإعلام للتعبير عن صورة الارهابى ؟
هل المسلمون هم من “يَقتلون ويَذبحون ويَحرقون ” بفتح الياء ؟
إذا نظرنا للواقع فسيكون النطق الصحيح للكلمات لثلاث ما بين علامات التنصيص بضم الياء , فهم يُقتلون فى الشيشان , ويُذبحون فى فلسطين , ويُحرقون فى بورما , فأين الإرهاب فى المسلمين ؟
فالسبب الوحيد فى هذه الصورة فى عقولنا هى الرسالة الإعلامية المسمومة , التى يبثونها فى عقولنا وفى عقول أطفالنا , وإّذا كانت هذه الصورة فى عقولنا نحن العرب والمسلمون , وفى نظر إعلامنا , لذلك فليس من حقنا أن نندهش حينما نعلم أن المعادلة الصحيحة فى أوروبا هى مسلم يساوى إرهاب .
فكل عمل إعلامي أو أدبي , سواء كان برنامجاً تلفزيونياً , أو عملاً روائياً , أو مقالاً صحفياً , أو رسماً كاريكاتورياً وله رسالة , ولكن هناك من يبعث برسالة صحية , فيها الفائدة لمجتمع , وهناك من يبعث برسالة مسمومة , فعلينا أن نجيد التفرقة بين الرسالتين, حتى ننجو من شرك الرسالة المسمومة .
فالإعلام يا سادة هو من أخطر الأسلحة التى يستخدمها أعدائنا استخداماً جيدأً , فهو يستطيع تحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق .
فالإعلام يا حضرات هو من يصنع ثقافة المجتمعات .