هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مفترِي أم مفترَى عليه، ؟
  • فيولين - عهد الثالثوث - الفصل 16
  • غفلة
  • عصر الإلهاء
  • بنت الايه كان عليها نظرة عين
  • سمك فى ميه
  • لما تقع هتلاقى كل الناس ضدك
  • أربعة ورا ياافندية واللى مش عاجبه ينزل من العربية
  • ليه تملى لقى الأحبة قصير
  • يعني خلاص كدا
  • هو طيب قوى وحنين
  • كل الأبواب اتسدت إلا بابك يارب
  • دماغي هتشت من كتر التفكير
  • اسمعني ياعمي وطرطقلي ودانك
  • ماعادتش دموعك فيا بتأثر
  • ماهو أنا أصلي قولتهالك من البداية
  • أسيرة الأمل
  • ممنوع التبسط مع المراهقات
  • كمية ستغير العالم للأبد
  • الخريف و الحقائق المنسية
  1. الرئيسية
  2. مدونة ياسمين رحمي
  3. في جوف الظلمة

إنقلب النور رماداً والبساط أمواجاً عاتية والسكون عواصف جائعة والسفينة هي الضحية، ترتطم بين الموجة والأخرى دون راحة أو رحمة ثم ظهر صوتٌ جبار، إنفجار قوي يتبعه إنفجار، يقترب الصوت ويعلن عن إستهدافه للسفينة. كان الصوت نابعاً عن إرتطام ذيل حوت بالمياه! صار يرتفع ويهوى بذيله حتى هز المياه ومعه إهتزت الأجساد على السفينة خيفةً والأسماك أخذت طريقها في البحر هرباً. ثم قرر أن يحرك ذيله نحو الضحية ويدفع موجة هائلة إليها ليتسبب في إهتزازها بشكل جنوني ولم يبق غير طريقاً واحداً: 

التضحية بأحدهم لأجل أن تبقى السفينة ومن عليها. إجتمع الركاب وأجروا قرعة وخرجت القرعة عليه، هنا علموا سبب الغضب ومصدر المهالك، لا بد أنه قد فعل شيئاً قد أثار غضب الله وكان يجب عليه أن ينزل من السفينة حتى يبقوا هم. تقدم النبي "يونس" عليه السلام لمواجهة مصيره بشجاعة. تقدم حتى حافة السفينة و قفز.....

 

إصطف الركاب يراقبون، شاهدوا الحوت يتجه نحو "يونس" ثم إختفى عن أنظارهم.

 

ظُلمة، حوائط موحشة، ضياع، جهل، رعب، وحدة ثم إستكانة عجيبة بعد الحبس في بطن الحوت، تأمل، تذكر، إدراك وندم.

 

تذكر النبي "يونس" فعلة له وأيقن حينها سبب إجتماع السماء والبحر والقرعة على الثورة ضده، تذكر أهله، تلك الوجوه، أرضه ودعوته وحسه الذي تجاهله. كان موطنه "نينوي"، تلك الأرض الخصبة ذات الماشية الكثيرة والخير الوفير وبدلاً من أن يعبدوا الله ويشكروه على نعمه نحتوا التماثيل المرمرية وعبدوها حتى إصطفى الله العبد "يونس" ليكون نبياً وليدعوا أهله الخيرين إلى عبادة الله سبحانه وترك أصنامهم. إستنكر أهل "نينوي" دعوة "يونس" ولم يدركوها فقد عبدوا تلك الآلهة الصماء منذ زمن وكان عسيراً عليهم أن يغيروا معتقداتهم وأنماط حياتهم لأجل دعوة وإن كانت دعوة الصالح "يونس".

 

دعاهم مراراً فلم يستجيبوا له فتسلل شعورٌ أشعل اللهب في صدره، غضبٌ شديد يتنامى ويتغذى عليه، لم يكن ليفعل شيئاً تجاه هذا الشعور المتنامي، غضب لكرامته، لعدم تصديقهم له وهو النبي، هو من أهلهم، كيف تجرأوا على تكذيبه، كيف فضلوا عبادة من لا ينطق على من أقرب إليهم من حبل الوريد. علا صوت اللهيب في صدره على صوت شعور آخر ينبض بضعف بين جنباته، صوت الحدس الذي حاول أن يثنيه عن قراره، صوت يقول له إصبر فتلك ليست النهاية، إنما كان الغضب أقوى منه ومن أي شعوراً آخر.

 

غادر سيدنا "يونس" نينوي وتخلى عن أهله، ذهب بإتجاه البحر وإنتظر أن ينزل الله غضبه عليهم. وما إن غاب حتى بدأت علامات غريبة تظهر في "نينوي" أخذ أهلها بها ولم يتجاهلوها. إمتلأت السماء بغيوم سوداء وبدأ يظهر دخان غريب. إستمعوا هم لحسهم ، راجعوا أنفسهم وأدركوا أنهم على خطأ وإمتثلوا لله سبحانه وتعالى. أما الغضب فتحول إلى من تمكن الغضب منه قبلاً وغادر قبل أن يأذن الله له. شوهد الغضب في نورٍ إنقلب رمادي وبساطٍ صار أمواجاً عاتية وسكون تحول إلى عواصف جائعة والنبي "يونس" على ظهر سفينة في قلب البحر. تقدم لمواجهة مصيره، قفز إلى البحر ومنه إلى بطن الحوت، إلى جوف الظلمة. بعد الرعب والضياع والجهل، أدرك شيئاً فشيئاً ما أوصله إلى هناك، تذكر صوتاً خاقتاً بداخله كانت له نبضات ضعيفة، إنما لم يسمعه قبلاً وسط فوضى الغضب، ذلك الحدس الذي أشار له أن يبقى. أيقن كيف لم يتبع أوامر ربه، كيف تعجل قبل أن يأمره الله عز وجل بالرحيل. وفي جوف الظلمة أيقن نوراً لم يظهر في أيام الضوء، تجلت له حقائق ما كانت لتظهر في ضوء البر. ببصيرته أحتد بصره ورأى خلال العتمة، رأى خطأه وظلمه لأهله وتعجله لأمر ربه، رأى نفسه، ضعفها، قدرها، رأى الصورة كاملة. وفي الظلمة هتف "لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنتُ مِن الظالمين" حتى جاء الفرج وإتجه الحوت إلى شواطىء إحدى الجزر ولفظ "يونس"، إستقر على الرمال الناعمة أغمض عينيه وتخيل اليوم الذي يعود فيه إلى أهله.

 

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

371 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع