بسم الله الرحمن الرحيم
القصة مستوحاة من أحداث حقيقية والعهدة على الراوي
كانت أوضة صغيرة، ضيقة وإحنا التلاتة زاحمنَها، لكنها بالنسبة لي كانت الجنة!
إحساسي بيها إنها براح، كون بحاله، فيها كل اللي أشتهيه وأكتر...
أوضة حارس العمارة اللي هو أبويا، كان فيها أبويا وأمي....
الغريبة بقى إن الأوضة دي كانت دايمًا منورة، الشمس بتخترقها وبيفضل النور لحد المغرب، لما الشمس تغيب النور يغيب، وكانت ريحتها حلوة، علطول حلوة، يمكن بحلاوة الأرواح اللي فيها...
أنا كنت بروح المدرسة، أبويا حط القرش على القرش وكان مصر أدخل المدرسة وأكمل تعليمي، كنت بسمع البنات التانية في المدرسة بيشتكوا من أهاليهم، اللي عصبي واللي بخيل واللي اتجوزت من بعد أبوها ورمتها ومبقتش تسأل عنها، لكن أنا وضعي مختلف، حقيقي كنت بخاف من الحسد، حد يصدق إني مشوفتش قسوة من أبويا أو أمي، مشوفتش منهم يوم صعب؟ كنت بسكت ومش بشارك في الأحاديث، ومع ذلك، كنت بخاف يتفسر سكوتي على إني سعيدة ومعنديش نفس مشاكلهم، بخاف من ذكاء واحدة فيهم، تقرا عيوني وتقرا سكوتي وبرضه تحسدني...
أيامنا وليالينا كانت زي الموج الهادي، مفيش رياح تهيج الموج، لحد ليلة معينة...
كنت تميت ال15 يدوبك بقالي إسبوع، وكنت في إجازة الصيف، وفي ليلة رايقة زي باقي الليالي، أو كنت فاكراها رايقة، صحينا إحنا التلاتة على صرخة تفزع الميت جوه قبره!
أبويا جري فتح الباب وإحنا جرينا وراه، من خضته نسي ينبه علينا نفضل في الأوضة، كان في صوت كلاكس مستمر، كإن إيد لزقت فيه، ولقينا العربية، مصدر الصرخة ومصدر الكلاكس...
هو فعلًا كان في حاجة لازقة في الكلاكس بس مكنتش إيد، كان جسم واحدة مرمي عليه!
أنا مكنتش عارفة أفسر إيه ده ، شايفة جسم ساكن، عيون مفتوحة على الآخر ووش شاحب، وهدوم مبلولة بالدم اللي عمال ينزف من غير ما يقف، هو الست دي مالها؟
بعد التركيز اكتشفت إنها من سكان العمارة بتاعتنا اللي أبويا بيحرسها، أيوه، دي آنسة شيرين في الدور الرابع!
أبويا أخيرًا أدرك إننا موجودين، لف وصرخ فينا وقال لنا نرجع الأوضة...
رجعنا واتفاجئنا بأبويا داخل بعد دقايق، كان في إيده منديل مخبي فيه حاجة، كان ماسك فيه جامد، قال وهو بينهج:
-أنا لقيت دهب في الكرسي جنب آنسة "شيرين"، الظاهر وقع منها، مسكته بالمنديل وقلت نخليه هنا لحد ما ييجي البوليس عشان محدش ياخده، الناس بدأت تتلم، ويمكن يفيدهم في حاجة، ويعرفوا مين اللي عمل فيها كده...
راح على السرير وشال المرتبة وحط المنديل تحتها ووجهلي الكلام:
-نامي يا فرحة، متقلقيش، البوليس والإسعاف زمانهم جايين وهيمسكوا اللي عمل كده، اقفلوا عليكم كويس، هاجي أخد الحاجة أول ما البوليس يوصل...
سألته:
-هو آنسة شيرين عايشة؟
بص في الأرض ومردش عليا، مشي وسابنا...
عملت اللي قال عليه، مددت على السرير، لكن طبعًا معرفتش أنام، خصرصًا بقى إن أمي راحت فاتحة الباب هي كمان وخرجت...
كنت سامعة دوشة جامدة بره، زحمة وناس بتزعق، حاولت أفصل، الوضع كله كان موتر بالنسبة لي، أعصابي مش مستحملة، عصرت عيني عصر يمكن أعرف أسترخي وأنام، لكني رجعت فتحتهم بسرعة، لأ، مش عشان الدوشة اللي بره، عشان الدوشة اللي جوه، الدوشة اللي تحتي، الخروشة...
كان في خروشة جامدة تحت مرتبة السرير، صوت غوايش الدهب بتتهز جامد!
قعدت مفزوعة، حركت المرتبة، ولقيت المنديل بيتحرك جامد ولا كإنه ألعاب نارية وبعدها سمعت همس....
"لبنى"
ده اللي الاسم اللي اتقال بالهمس، والصوت، كإنه صوت "شيرين"، الست المقتولة!
دقايق ولقيت أبويا وأمي بيفتحوا الباب، أنا كنت واقفة، متخشبة في مكاني، عيني ثابتة، عاجزة عن الكلام، راقبت أبويا وهو بيطلع المنديل وبيخرج بيه جري عشان يسلمه للظابط....
لما رجع محكتلوش اللي حصل، فضلت ساكتة لحد ما مدد على الأرضية جنبنا واستعد ينام وغمض عينه...
ساعتها نزلت من السرير ، قعدت جنبه ومديت إيدي اللي بتترعش على ضهره، فتح عينه ولفلي، فضل باصص عليا وأنا بصاله، لساني معقود، مش عارفة ابتدي كلام...
قال لي:
-في إيه يا بنتي؟ انتي كويسة؟
حكتله اللي حصل، مزعقش فيا، مقاليش دي كانت تهيؤات ولا إنتي بتخرفي ولا كنتي مرعوبة فأكيد عقلك صورلك خيالات، لقيته قعد وفضل مبرق، سرحان في الفراغ، أخيرًا بص لي وقال:
-الصوت قال "لبنى"؟
=اه يا بابا.
-لبنى دي جارتها في نفس الدور، كانوا صحاب قبل ما يقلبوا على بعض وتبقى بينهم خناقات بتسمعها العمارة كلها، الله أعلم السبب إيه.
=أيوه عارفاها، مدام لبنى.
-طب يا بنتي نامي إنتي، متشغليش بالك.
تاني يوم راح للقسم وبلغ عن "لبنى"، نبه على الظابط يحققوا عنها لإنه شاكك فيها وحكى عن الخلافات ما بينهم من غير ما يذكر طبعًا القصة اللي حصلت معايا...
وفعلًا طلعت هي، استدرجت "شيرين"، قالتلها إنها عايزه تنزل تقعد معاها في العربية وجابت معاها مشرط وشقت بطنها...
عك بقى، طلعت خناقات على عريس، ودي عايزه تخطفه من دي، وغيرة بشعة وحاجات من دي، هي الحقيقة "شيرين" كانت في أواخر التلاتينات ومكنتش لسه اتجوزت، و"لبنى" كانت مطلقة وعندها ولد، وظهر في حياة "شيرين" راجل وكان شكله معجب بيها وعايز يتجوزها و"لبنى" عجبها الراجل وقررت تخطفه وبدأ يميل ليها فعلًا وبعدين رجع ندم ومال تاني لشرين وعك كده، عك في عك، دي مش قصتنا، مش مهم التفاصيل، المهم إن لبنى قتلت شيرين وإني سمعت صوت شيرين بتنطق إسمها، كإنها عاوزه تقول على اللي قتلتها، وإيه قصة الحرز ده كمان؟ إيه قصة منديل الدهب اللي كان عمال يشخلل تحت السرير؟
دي كانت أول مرة في حياتي تحصل لي فيها ظاهرة زي كده؟ كنت أسمع عن قصص الأشباح وأقرا عنها والجن والعفاريت بس عمري لا شفت ولا سمعت بنفسي...
الغريبة بقى، الأغرب من كل اللي فات هو رد فعل بابا، مستنكرش لحظة ولا شك في كلامي، اتأكد إزاي إن اللي بقوله صح؟ وكان في حاجة تانية كده...كإنه مخبي حاجة، في حاجة كانت ناقصة...
شكي زاد لما فاجأنا بإنه رايح البلد، "عزبة السلسول" عند جدتي في زيارة، الله، من إمتى؟!
آخر مرة شفت جدتي كانت قبلها ب7 سنين ودي برضه كانت آخر مرة بابا يشوفها فيها، من بعدها قطع، لا راحلها ولا جاب سيرتها، علاقته بيها دي قصة غريبة تانية، بس خلينا في اللي إحنا فيه، ليه قرر فجأة يروح لجدتي، هو في إيه؟
وراح، نزل الصبح بدري ورجع في نفس اليوم بليل!
كان وشه أحمر دم، وعصبي جدًا، أول مرة أشوفه في الحالة دي، أي كلمة مني أو من أمي بتعصبه...
وعدى اليوم....
عدى إسبوع وفي يوم كنت رايحة أجيب طلبات لينا ولشقة في العمارة، مكنتش بطلع الشقق بس ماما كانت بتاخد مني هي الطلبات وتطلعها...
المهم غبت يدوبك 10 دقايق وسمعت الناس عمالة تصرخ... جريت على التجمعات لقيتهم بيقولوا "حريقة"...
فين دي، فين الحريقة؟
الحريقة...في أوضتنا...
الأنبوبة انفجرت والنار انتشرت بسرعة رهيبة، وكلت كل اللي في الأوضة وكلت معاها أبويا وأمي....
في ثانية حالي اتبدل، اتنقلت لعالم موازي، عالم أنا فيه وحدي، من غير بابا وماما، من غير القصر اللي كان في شكل أوضة، من غير الشمس اللي كانت مشرقة لحد المغرب، حياتي....ضلمت...
وبعدين؟ أنا إيه مصيري؟ مشردة؟ الشوارع هي اللي هتأويني؟
محتجتش وقت عشان أعرف، جدتي ظهرت في نفس اليوم...
جت من البلد على المستشفى اللي جثث أبويا وأمي راحتلها...
جريت عليا وحضنتي، أنا لحد ساعتها كنت زي التمثال الشمع، مكنتش بستجيب لحد، مفيش رد فعل، أول ما حضنتي جسمي انهار وعيطت بحرقة...
-بس، بس يا حبيبتي متخافيش، إنتي هتيجي معايا، مش هسيبك لوحدك، ده قضاء ربنا، اللهم لا اعتراض، اللهم لا اعتراض...
وبعدها فضلت تعيط معايا....
الجثامين اتنقلت عزبة السلسول واتدفنوا هناك...
جدتي مرضتش أحضر الدفنة، فضلت قاعدة مستنياها في البيت لحد ما جت...
سألتها:
=العزا هيبقى إمتى وفين، في البيت هنا؟
-لا يا بنتي مفيش عزا، إحنا صلينا عليهم ودفناهم، العزا ده بيبقى عبارة عن قعدة نميمة والناس تمصمص بشفايفها ويقعدوا يسألوا أسئلة سخيفة متكررة، زي "هم ماتوا إزاي؟ هو إيه اللي حصل؟"، مش بينوبنا إلا وجع القلب والناس اللي بيحطوا مناخيرهم في اللي ملهمش فيه، النافع ليهم عملناه، الصلاة عليهم والدعاء...
..........................
معرفش ليه، بس افتكرت حادثة المنديل والدهب وموت شيرين ولقيت نفسي بقول لجدتي "فوقية"...
=قبل ما بابا يموت، من ييجي اسبوعين، في واحدة ماتت من سكان العمارة وبابا أخد دهبها، خباه لحد ما البوليس ييجي وأنا...سمعت الدهب بيتهز وقمت شفته بعيني وسمعت صوت بيهمس باسم واحدة تانية من سكان العمارة وطلعت الست صاحبة الإسم هي اللي قتلت الست التانية... هو ده ممكن يكون موت أبويا، شبح الست اللي ماتت؟
-إيه ده يا "فرحة" اللي بتقوليه؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، شبح إيه وبتاع إيه؟ لا وكمان الست ترجع من الموت وتموته؟ لا يا بنتي الكلام ده مش مظبوط، ربنا قدر دي تكون ساعتهم، أنبوبة الغاز انفجرت، والحمد لله إنك مكنتيش معاهم، ربنا نجاكي.
اتنهدت وبعدين قالت:
-تعالي يالا أوريكي أوضتك.
قمت معاها لحد الأوضة، كانت أوضة واسعة ومترتبة، غير أوضتنا اللي في العمارة خالص، أهو ده كان لغز رهيب...
جدتي غنية، وعندها بيت كبير وفلوس وأراضي، ومع ذلك أبويا سابها، ساب العز كله وفضل يعيش عيشة بسيطة، راح للقاهرة واتجوز ماما واشتغل حارس عمارة، ما بين عمارة للتانية لحد ما استقرينا في العمارة اللي اتحرقت فيها أوضتنا، كان بقالنا 7 سنين فيها، يمكن الخلاف سببه جوازه لماما، ما هو أصل جدتي مكنتش بتطيقها، وأكيد برضه مكنتش راضية عن الجوازة من الأول عشان ماما من عيلة فقيرة ومش من اختيارات جدتي، ماما مكنتش من النوع اللي يحب يلت ويعجن في سيرة الناس ولا بتتكلم عن جدتي، لكن في المرات القليلة اللي ذكرتها قالت إنها كانت ناوية هي اللي تختار العروسة واتفاجأت باختيار بابا...
أهو، سبحان الله وأديني أنا اللي برجلي جيت لجدتي، غصب عني، الظروف ودتني الطريق ده...
الأوضة كان فيها سرير ضخم وبلكونة وتلاجة كبيرة وحمام، إيه ده كله؟
ابتسامة جدتي الواسعة ووشها المنور اتبدلوا، لا الابتسامة بقت موجودة ولا شايفة أي نور...
قالتلي بلهجة شديدة:
-شوفي بقى يا فرحة، أوضتك دي محضرهالك مخصوص، فيها كل حاجة، بصي...
وفتحت التلاجة...شفت أصناف كتير من الأكل، كميات مهولة...
كملت كلامها:
والحمام شغال، دورة ميه وحموم وفي كل اللي عايزاه، صابون ومستحضرات للشعر، البيت ده بيتك ترمحي فيه زي ما إنتي عايزه بس في مواعيد معينة مش مسموحلك تخرجي من الأوضة مهما حصل ومهما سمعتي...من بعد المغرب لحد بعد الفجر!
فضلت مبلمة، باصة لها، عطلت كده، مش فاهمة حاجة، عشان كده مسألتش! مجاش في بالي أي أسئلة لإني لسه مش مدركة اللي بتقوله...ماشي، هعمل إيه يعني، سمعًا وطاعة...
لما طلعت من الأوضة معاها لقيتها وقفت مرة واحدة ومدت دراعها وشاورتلي في اتجاه معين، كانت أوضة في آخر الممر...قالت:
-والأوضة دي لا صبح ولا ليل تهوبي ناحيتها!
بصيت ناحية الأوضة ورجعت بصيت لها من غير ما أتكلم...
القط الإسود بتاع جدتي عدى في اللحظة دي بسرعة من ورايا، خلاني أنط من الخضة، أنا بحب القطط، كل القطط، الإسود والأبيض والمشمشي والفوحلقى حتى، بس القطة دي لأ، مبحبهاش، معرفش ليه....
"فوقية" حطت إيديها الاتنين على كتافي وابتسمتلي عشان تطمني وقالتلي بنبرتها الحنونة المعتادة استكشف البيت واقعد في المكان اللي يريحني، انطلق...
الشمس حدتها قلت، الغروب قرب، عملت عبيطة، كنت قاعدة بقرا في كتاب في بهو البيت، لقيت جدتي جيه عليا، هي باصة واحدة من جنب عنيها كانت كافية عشان أفط وأروح على أوضتي في أقصى سرعة...
أول ما قفلت الباب سمعت صوت غريب، صوت من بعيد، حد بيتكلم بنبرة واطية...
لأ، مش جدتي، مش صوتها، ده كان راجل...
الفضول خلاني أقرب على الباب، تقريبًا لزقت ودني عليه، كان صوت مش مريح أبدًا، حاد، فعلًا بتاع راجل، مين الراجل اللي مع جدتي ده وإمتى ظهر؟
ده أنا يدوبك قافلة الباب...
الصوت كان بيقول:
-لسه محضروش...أهم حضروا...
وبس بعدها بقى سمعت كمية خطوات رهيبة في البيت، عدد مهول من الضيوف هلوا مرة واحدة، إزاي البيت أصلًا يساعي العدد ده؟؟؟
وابتدى المولد!
مش ممكن على كمية الرغي، والكل بيتكلم في نفس واحد، لدرجة مكنتش أفسر جملة واحدة، إيه الناس دي؟
بعد فترة حسيت بالإنهاك، جربت أنام، لكن طبعًا ده بعيد عن شنبي...
حطيت المخدة على راسي، ضغطت عليها بإيديا مفيش فايدة، العالم الغوغاء اللي بره دول حرموا عليا النوم، إيه الطاقة دي؟ مش مبطلين رغي، لحد ما فجأة وبدون مقدمات الكل سكت!
هدوووووء، مفيش ولا صوت، الله!
هم الكل مشيوا مرة واحدة؟ طب أنا مسمعتش صوت خطوات خارجة بره البيت...
نطيت من على السرير ومشيت بسرعة ناحية الباب، كنت خلاص هفتحه لولاه إني افتكرت جملتها " في مواعيد معينة مش مسموحلك تخرجي من الأوضة مهما حصل ومهما سمعتي...من بعد المغرب لحد بعد الفجر"
مكنش الادان لسه أدن، بصيت في الساعة، كان قدامه دقايق، استنيت لحد ما أدن وبعدين مديت إيدي وحركت الأكرة...
خرجت بره...
ششششششششششش، مفيش، ولا حركة، حتى جدتي مكنتش سامعاها...
فضلت ماشية بالراحة، كإني على قشر بيض، لحد ما لمحته....
القط الإسود، كان واقف بيبصلي، نظرته فيها تحدي غريب، نظرة بني آدم دي، عينه كانت بتتحرك معايا، قربت ليه ووقفت، مقدرتش أتخطاه، لفيت وإديته ضهري ورجعت على أوضتي....
دماغي كانت هتاكلني من التفكير، مين كل الناس دي وراحوا فين كلهم مرة واحدة؟
في الآخر استسلمت للنوم، وغصت فيه...
قمت على نور قوي دايق عيني، فهمت إننا بقينا الضهر، كان في صوت ضحك وكلام بره، عندنا ضيوف، يادي الضيوف...
وكمان سمعت تخبيط على باب البيت، خرجت من أوضتي عبال ما جدتي فتحت وكانوا ضيوف تانيين...
مجموعهم على بعض ييجي 10 ستات، ورغي طبعًا وضحك وزعيق وتيتا "فوقية" قاعدة وسطهم....
أنا كنت مشيت للصالة الكبيرة اللي فيها جدتي والضيوف، بس كنت على مسافة منهم.
فجأة جدتي قطعت ضحك وبصتلي وقالت:
-تعالي يا "فرحة"، تعالي سلمي على الضيوف...
=معلش يا تيتا أنا لسه مغسلتش وشي ولا سناني وشكلي مبهدل..
-ماشي يا حبيبتي فوَقي كده وتعالي سلمي.
روحت سلمت عليهم واحدة واحدة ولاحظت حاجة غريبة، كلهم كانوا بيشربوا قهوة وفي منهم اللي خلصوها، واللي شاربين كانت فناجينهم قدامهم مقلوبة على الأطباق الصغيرة...
عيني اتعلقت بالأطباق، سرحت، بعد شوية رفعت عيني على جدتي، لقيتها بصالي، فهمت اللي بيدور في دماغي، الأسئلة اللي جوايا...
قالت:
-يالا بقى يا "فرحة" روحي شوفي حالك، إذا كنت هتتفرجي على التليفزيون ولا تقري زي ما بتحبي...
مشيت ببطء قاصدة، عايزه القط أي حاجة، افهم اللي بيحصل...
سمعتهم بيسألوها عن اللي شايفاه في الفنجان، واللي بتسأل عن معاني الحاجات اللي قالتها، "يعني إيه في صقر مستنيني على شجرة فرعها عالي ومترصدلي؟"....
عبال ما وصلت للبهو اللي فيه التليفزيون كانت الأصوات خفتت، مبقتش واضحة، وأنا معرفتش أفسر الكلام...
ودي بس كانت البداية...