هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة شريف ابراهيم
  3. هجرة شرعية

دائماً ما أخشى أن يرن تطبيق “ماسنجر” على هاتفي، عندما أسمع نغمته المعتادة ينتابني قلقٌ ما، وأول من يأتي على بالي هم أهلي في مصر؛ فهم الأكثر اتصالاً بي بتلك الوسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي.

ربما غربتي عنهم هي ما سمحت بتسلل تلك الهواجس النفسية إلى قلبي. ربما بعدي عنهم طيلة سنوات وهم ليسوا أمامي يُقلقني عليهم، ربما الخوف من الغيب، أن يصيب أحدٌ منهم سوء أو مكروه لا قدر الله. حقاً يصيبني الرعب والفزع من الخبر المفاجئ وفجأة الخبر.

مددت يدي لأمسك هاتفي وأرى من المتصل؟ فإذ هو اسم شخص لا أعرفه، صورةٌ لشابٍّ في ريعان شبابه، إطلالته جميلةٌ، يبدو من ملامحه أنه مُقبلٌ على الحياة بشغفٍ، وفي عينيه نظرةٌ تتعجل المستقبل وتطلعاته المشرقة.

ضغطت على زر الرد فسمعت صوت امرأةٍ يملؤها الحزن والأسى، وبهدوءٍ شديد ألقت السلام وقالت: “أنا لا أعرفك ولا تعرفني، ولكن رأيت تعليقاً لك في إحدى صفحات “فيسبوك” المعنية بشؤون الجالية المصرية في الخارج، ترد فيه على أحد الأشخاص ممن لهم مفقودٌ لم يستدلوا عليه وانقطعت أخباره، يسألك عن كيفية الوصول إلى أحد أعضاء السفارة المصرية في ليبيا، بحكم أنك مقيمٌ بها”، واستطردت قائلة: “لقد استشعرت صدقك وأمانتك من كلماتك، وطريقة ردك باهتمامٍ على صاحب الشكوى فاتصلت بك ربما أجد عندك حلاً مشكلتي”. قلت لها: “وما شكواك يا أختي؟”.

قالت وهي تبكي: “أنا أم ذلك الشاب الذي رأيته في الصورة، ونحن أسرةٌ ميسورة الحال لدينا ما يفي ويكفي، وابني الذي أسألك بشأنه منذ أن اشتد عوده وهو يحلم بالهجرة إلى أوروبا، يستهويه عالم الغرب، ولا حديث له مع الآخرين إلا ويتطرق إلى هذا الموضوع، لا يمر يوم إلا وتكلم معنا في البيت عن رغبته في السفر إلى عالم ما بعد البحار، بأي طريقةٍ كانت يريد فعل ذلك، حاولنا مراراً وتكراراً أنا وأبوه واخوته ثنيه عن ذلك، وللأسف باءت كل محاولاتنا بالفشل، لدرجة أننا عرضنا عليه أن نفتح له مشروعاً يختاره هو بنفسه ويستقر في وطنه، خاصةً وأن أمورنا المادية على ما يرام، ولدينا ما يغنينا عن مرّ السؤال وطلب الحاجة. ولكن لا جدوى من كلامنا معه! الأمر قائمٌ في رأسه دون تراجعٍ، إلى أن غاب عنّا دون أن نعرف له مكاناً، وبعد أيامٍ قلائل اتصل بنا وطمأننا على أنه بخيرٍ، وموجودٌ حالياً في ليبيا، وبقي على اتصالٍ بنا مدّة شهرين، ثم انقطعت أخباره تماماً، والآن لي أكثر من عامين لا أعرف شيئاً عن ابني. احتسبته عند الله حياً وميتاً، لكن أشعر بغصةٍ في قلبي، ويجافيني النوم، والتفكير يقتلني، ويؤرق مضجعي، هل هو على قيد الحياة ولا يستطيع مهاتفتي نتيجة الإمساك به من خفر السواحل ووضعه في حبسٍ مشددٍ؟ هل تعرض للتعذيب حتى فاضت روحه؟ هل غرق في البحر وهو في مركب العبور كأن نفد منهم الوقود مثلاً، أو تهتكت بهم ألواحه ووصلت المياه حتى وجهه فانقطعت أنفاسه، وخاصةً أنه لا يعرف العوم أو السباحة”.

يرتعش صوتها ألماً على فقيدها! 

تقول: “ليتني أعلم أنه مات لأقبل العزاء فيه! وأقرأ له الفاتحة ترحماً عليه وعلى شبابه! ليتني أسمع صوته!”.

وتكمل قائلة إنها طرقت كل الأبواب، وتأخذها اللهفة على ابنها عندما تسمع أي خبرٍ يطمئنها عليه، فاستغلها البعض من معدومي الضمير، وطلبوا منها مبالغ كبيرةً بحجة أنه في أحد السجون، وسجانوه هم من يطلبونها نظير إطلاق سراحه، حتى باعت ما وراءها وما أمامها، وأصبحت لا تملك شيئاً سوي بيتٍ يؤويها هي وعائلتها فقط لا غير.

سعيت بكل جهدي أن أبحث معها عن ابنها في قوائم المسجونين داخل ليبيا وخارجها، ومنظمات الهلال الأحمر، وخاطبت السفارة والخارجية دونما فائدة. 

تقول: “كرهت البحر وأمواجه، وأرغب أن يقبض الله روحي لأستريح من هذا العذاب!

أرغب في أن أهاجر بعيداً عن كل ما يذكرني بابني!

أرغب في أن أهاجر هجرة شرعية!”.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2639 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع