كلما التقيت بها أجدها تترجم لي ما بداخلها .. فأحياناً تضحك، وأحياناً أخرى تبكي .. وأحياناً أجدها غارقة في بحرٍ من الغموض يلتف حولها عمقٌ لا أستطيع الوصول لمداه، وأحياناً أقرأ فيها كُرهاً وبُغضاً وحقداً دفيناً لا يظهر أبداً في عذب الكلام وحلو اللسان، ولكن عنوان ما فيها يحكي الحكايات، ويروي الروايات.

أحياناً يخدعني بريقها للحظات، فأجد خلفها كواليساً من هنا وهناك تدور فيها أحداث جِسام.

أشعر حينها بكل شيء سلباً كان أم إيجاباً ! .. تمنياً كان أم تدنياً ! .. أرى فيها بوضوح الحب والكره .. الخير والشر.

كلها مشاعر مؤداها في النهاية هو البوح بالوجع أو الدهشة أو الفرح، أو بالاشتياق لحب يكمن داخلها كان له مكان وسرعان ما اختفى بعد وهجٍ وافتتان .. ألمح فيها تبدلاً لربيع شعورها الذي تحول فجأة لخريف ذبلت أوراقه التي كانت خضراء، وتساقطت ورقة ورقة برغم مقومات الحياة حولها التي تمتد لأبعد مدى، ولا تستطيع النهل منه وتبقى تشعر بالظمأ وشمسها تسطع وتعم أركان المكان بلا دفء ولا ضوء.

يهتز ثباتها كجذور وُضعت في الأرض دون اهتمام فتلاشت وترنحت، وأخذها الريح مداعباً الهواء لتتخلى عن وجودها وانتمائها وإحساسها بالأمان.

إنها العين الشاهد الرئيسي على ملامح الإنسان، وخير مترجم لما بداخله وما توحي به تعبيرات وجهه.

العين هى ترجمة طبيعية ذاتية ووقتية تعكس في الحال حقيقة ما بنا، وتكشف ما تخفيه صدورنا وألسنتنا إذا توافرت البصيرة لِمَن يرى.

فدائماً هى الانطباع الأول عند اللقاء الأول،

وما بعده من لقاءات وعلاقات وصداقات.