هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة سوميه الألفي
  3. صغيرتي وسيدة الترعة    

 

فى ليلة شتوية باردة، احتضنت الأم صغيرتها ذات العام والنصف لتقيها من برد طوبة القارس، لم تكتفِ بالدفء المنبعث من الشالية (الموقد) الممتلئة بقطع صغيرة من الأخشاب التى لا تنطفىء أبداً فى مثل تلك الأوقات من كل عام، ربما أرادت أن تخبئ خوفها بأحضان صغيرتها التي لم تعرف الخوف بعد… 

صوت حفيف أوراق الأشجار، وصرير الأبواب والشبابيك، بسبب تلك العاصفة القوية التى كانت تضرب البلاد. تزايد عواء الكلاب وربما الذئاب المنتشرة حول الدار الريفى الكبير التى ظن الجميع أنها انزعجت بفعل العاصفة، حتى أن الحمير كانت تنهق بشدة هي الأخرى، ترى هل أزعجتها العاصفة حقاً؟

 

ابتسمت الأم التى لم يعد زوجها بعد من الحقل فى محاولة منها لنسيان خوفها وهى تنظر إلى شعلة (لمبة الجاز) التى تتراقص بميوعة وذكرتها بالغزية التى شاهدتها في المولد وبدأت تحرك ذراعها محدثة خيالات من الظلال على الحائط تقلد بها تلك (الغزية) التى لم تفارق مخيلتها منذ يومين. 

 

دخل زوجها على حين غرة؛ ليضحك هو الآخر على حركاتها الطفولية، ولم لا ؟! فلم تكن قد بلغت السابعة عشر بعد، أخبرها أنه سوف يغيب الليلة كى يروى الأرض..كسا الحزن محياها؛ ستقضى ليلتها وحيدة، وبالكاد تدارى خوفها، لكن ما باليد حيلة تعلم أن زوجها لايستطيع أن يفوّت دوره في ري الأرض، قامت لتغلق باب الغرفة خلفه كي تشعر بالأمان، وعادت للعبة الظل ثانية ..

 

 مرت تقريباً نصف ساعة بعد مغادرته، أغرقها الدفء فغلبها النعاس .

انتبهت الأم من نومها على صراخ 

صغيرتها، اعتدلت سريعاً حتى تهدهدها وتسكتها، ربما تلقمها قطعة حلوى فقد فطمتها منذ عدة أيام، بعد أن شعرت بحركة حملها الجديد فى رحمها...

تحسست الفراش بيديها، وعينيها نصف مغلقة. 

 

انتفضت من مكانها أين هي؟ ربما وقعت 

على الأرض، فدائماً ما تحاول النهوض والخروج منذ أن تعلمت المشى . ...نظرت فى أرضية الغرفة لاشئ سوى (الكليم¹) وأثاث الغرفة البسيط، نظرت أسفل السرير، لم تجدها. ..

انتبهت بعد أن فر النعاس هارباً من عينيها بفعل الصدمة أن صراخ ابنتها خارج الغرفة وليس بداخلها!!  

هرولت مسرعة إلى الباب، ماهذا كيف خرجت والباب موصد مثلما تركته؟! لم تعر الأمر انتباهاً، أخذت ( لمبة الجاز) بيدها وخرجت

بحثت فى ردهة المنزل، وجميع الغرف، ولا أثر، بدا أن صراخ صغيرتها يبتعد أكثر فأكثر... 

جال بخاطرها أنها ربما دخلت إلى دار عمها حيث يفصل ردهتا الدارين باب صغير فقط ...

طرقت الباب طرقات عدة حتى خرجت (سلفتها) من جُب أحلامها، سألتها عن الصغيرة . ...

أجابتها أنها لم ترها منذ أن كانت عندهم قبل العشاء...خرجت سلفتها معها وهما مذعورتين، وعادتا إلى الغرفة ثانية بحثتا عن الطفلة حيث كانت نائمة حتى أن السلفة بحثت فى الدولاب، ولكن بلا فائدة ...

قررت الأم البحث فى الخارج، وأشارت إليها سلفتها بأنها ستبحث في (الحوش) ...

قلقتان، مرعوبتان، كل واحدة منهما تخبئ خوفها في ثنايا ثوبها حتى لا تزيد من رعب الأخرى ... فأهل الريف يعرفون جيداً معنى أن تخرج وحيدًا فى مثل ذلك الوقت حيث لا كهرباء تنير الطرقات، اللهم لا إلا ضوء القمر فى الليالي القمرية، لذا كانوا يفضلون الخروج في رفقة مثلما فعل زوجها مع أخيه وأقرانه، أو عدم الخروج من الأصل... ولم لا؟! فهنا تنتشر الحكايات عن الجن والعفاريت..... 

بدا الصوت أوضح أكثر فأكثر .. ولكن تحول صراخ الطفلة إلى ضحكات هذه المرة، كأن أحداً يداعبها، هرولت الأم باتجاه الصوت، ولكن لا شئ سوى الأشجار على حافة الترعة المجاورة للبيت والتى تشابكت فروعها كأنها رجال ضخام الجثث فى عراك محتدم محدثة ذلك الصوت المخيف .. حاولت الإمساك بملابسها كي لاتتطاير فى الهواء وتكشف سيقانها التي تتخبط في بعضها البعض . .. ترتعد أوصالها، فالأجواء حقاً تثير الرعب فى أنفس الرجال فما بال شابة صغيرة !

انتصب شعر رأسها بشدة ..مهلاً ما ذلك الخيال الذى بدا واضحاً فى ضوء القمر؟ هل هو كلب؟! لا لايشبه الكلب كأنه إنسان يمشى على أربع ..... اندفع ذلك الشئ إلى الترعة سريعا !

ارتفعت دقات قلبها وبدت كأن عازف إيقاع مبتدئ شذ عن النوته يعزف بأضلعها، تجمدت الدماء فى عروقها، وربما أوقظ إصطكاك أسنانها الجيران فى الدور المجاورة، كادت تسقط من شدة الفزع تعرف جيداً ما ذلك الشئ؛ فقد سمعت كثيراً عن شبح السيدة التى قتلها زوجها وهى حبلى، وألقى بجثتها فى تلك الترعة؛ كى يغسل عارة لمجرد أن لاكت ألسنة الجيران سيرتها، واتضحت براءتها بعد قتلها، إنها هي (سيدة الترعة) . ....

بالكاد عادت إلى المنزل وهي تردد المعوذتين وآية الكرسي، اصطدمت بسلفتها، دخلت هي الأخرى ترتعش وتخبرها أن لا شئ هناك ..

ليعود صراخ الطفلة من جديد داخل الغرفة! 

بسرعة دخلت الأم ولم تبال بقدميها اللتين تأبيين الانصياع ..

غير مصدقة ما تراه أمامها؟! 

صغيرتها تغط فى نوم عميق وتعلو وجهها ابتسامة ملائكية ...

                            تمت  

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع