إذا دخلتِ القلوب فأنتِ بين حَرَمٍ وحرام؛ فتوَخِّي الرحمة ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، ولا تميلي كل الميل؛ فتجوري على حق الحزم والعدل فيكِ، وحق نفسك عليكِ، ويتفلت زمام ثباتك وبقائك في تلك القلوب؛ فالنفوس إذا ملكت؛ استغنت، فكوني عن ذلك أغنى، ولا تدعي أي شئ في الحياة يملكك أو يستحوذ عليكِ، حتى لا تنفقي روحك في الضياع، وتطغى كفة الهوى على حصافة الرأي والوعي والحكمة؛ فيختل اتزانك، وتُنهي بيديك فترة إقامتك أو تحيليها لإقامة جبرية، لا تسمن ولا تغني من وجود، ثم إياكِ والعبث، أو الخطو في القلوب دون دليلٍ أو هدى، وليكن دليلك هو الاستعانة برب القلوب، ومشكاتك التي تنير لكِ السعي هي الدعاء، ولا تبتئسي ولا تحزني على قلبٍ أُوصد ويدٍ أفلتت؛ فكلنا لله، نحيا بين رحمته وحكمته، فرحمته فضلٌ ومنّة، وحكمته عدلٌ ونعيمٌ وإحسان، عطاؤه منتهى الجود، ومنعه غاية اللطف والإكرام.