عندما تتحول الوحدة إلى رفيق دائم، ويصبح الصمت هو الخل الوفي، يستوطن صخب العالم وضجيجه رأسك، وتنتقل الضوضاء من العالم الخارجي إلى داخل روحك؛ فتصبح كل الأبجديات عبارة عن علامات استفهام، حيث تشعر وكأنك مُستعمر ومُحتل منذ آلاف السنين الضوئية. هنا، يصبح السؤال الملح دومًا: هل سيأتي يومًا ما ويخفت ذلك الضجيج؟
لماذا تأتي الطعنة دائمًا من حيث لا تتوقعها، فتكون أكثر ألمًا وأشد وجعًا؟ عندما تحاور أحدهم أو تجادله، هناك رابح وآخر خاسر؛ فكيف إن كان الجدال بداخلك، ومحاورك هو أنت، والتي تجادلك هي نفسك؟ ألا يكون هذا منتهى العبث؟
نتساءل دومًا عن الطريقة المثلى للتحرر؛ فهل نُقاوم، أم نَستسلم، أم نُفاوض؟ وهل نستطيع تقديم الكثير من التنازلات؟ كثيرة هي الحكايات التي لم تكتمل؛ فهل سيأتي يومًا ما وتكتمل؟ النهايات السعيدة هي ما يتمناه الجميع، ولكن ذلك لا يكون إلا في الأفلام أو القصص والروايات؛ أما النهايات التي نعيشها، فالقدر هو صاحب كلمة النهاية.
يومًا ما ستقف حائرًا، عاجزًا، مُقيد الفكر والمشاعر، كحرف تائه لا محل لك من الإعراب؛ تخونك كل الأبجديات وتَهزمك مَخاوفك. عندما تصل لهذه المرحلة، ستعود لنقطة البداية، وهي النقطة صفر؛ حيث ستجد نفسك ممنوعًا من التقدم للأمام، عاجزًا عن العودة للخلف. سوف تصل لقناعة واحدة، وهي أن الوحدة رفيق دائم، وأن الصمت خل وفى، وأن هناك شفرات ستظل دومًا عصية على الحل.
نقطة ومن أول السطر.