هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مفهوم الامان بالنسبة لى
  • معنى "وأعدوا"
  • هموم الوطن و هموم القلب
  • كائنات لا انسانية
  • و يتساءل التائهين
  • سد النهضة وقدرته على مقاومة الزلازل
  • بوركت عبدالفتاح الوسيع
  • واترك للبكبورت ما للبكبورت .. 
  • إبادة طول العام
  • مراجعة كتاب الوراق أبو حيان التوحيدي.. لهشام عيد
  • مراجعة كتاب أنت ميت لإسلام فخري
  • رغبة دهسها الوقت
  • غربة حقيقية
  • من المؤمنين رجال
  • مِن رَوحٍ هائمة
  • مدد يا صاحب المدد
  • حياة جحيم
  • فيولين - عهد الثالوث - الجزء 24
  • فيولين - عهد الثالوث - الجزء 23
  • ورا الشباك
  1. الرئيسية
  2. مدونة دينا عاصم
  3. ذاكرة الأنف - بلاش البصل والنبي - مداام مناخيرك تدل على أنوثة طاغية.

آخر موعد : 24 أكتوبر

إضغط هنا لمزيد من التفاصيل 😋

منذ صغري وأنا لدي مشكلة تتمركز في "أنفي" فمن خلاله استطيع التمييز بين خلق الله جميعا وعليها أقرر نوع معاملتي معه...

وحكاية الأنف الحساس للروائح دي شيء مزعج جدا يا جماعة ومثير للمشاكل بالفعل...

فأنا من صغري مثل "البوبي" أعرف أمي مثلا من أول رائحة تعرفت إليها في طفولتي وهي بارفان "بروفيسي" الذي كانت تضعه ومن شامبو "جليمو" و"فا" اللذين كانت تستعملهما وأعرف أبي من بارفانه المفضل "أولد سبايس" ورائحة سجائره. 

حين كنت بالجامعة كانت لدينا زميلة تأكل "البصل" صباحا..كانت فتاة قروية طيبة.

كنت أعرف أنها قادمة قبل وصولها بعشرة أمتار تقريبا ودون أن ألتفت" أقول لنشوة صديقتي والدموع في عيني أحبسها" فلانة وصلت...

 "وحين تفاقمت أزمتي معها طالبنا زميلة أن تنصحها بعدم أكل البصل ولا سيما في الصباح وأن هذه نصيحة دينية نبوية وإلا فلتعتزلنا ...

البنت رفضت وقالت إنها لا تستطيع أن تبدأ يومها إلا بالبصل..آه والله ..صبحها الله بكل الخير.

وكان هناك فيلم قديم من تسعينات القرن الماضي لجاك نيكلسون وميشيل بفايفر اسمه "وولف" تحولا فيه لذئبين وأول ما أرّقهم وقض مضجعهم هو تمييزهم للروائح بشكل لافت وهو ما لفت نظرهما لبعضهما بالأساس ..!

وأنا قد أحب وأكره بسبب رائحة عطر مميز أو رائحة شخص...

كنت مازلت طالبة بالجامعة حين عدت للبيت حانقة وقلت لأبي أنني لن أركب مترو الأنفاق مرة أخرى بسبب "رائحة الناس"، فأطرق والدي قليلا ثم قال لي..

"يابنتي الفقر ريحته وحشة..الصابون غالي على ناس كتير والشامبوو أيضا وربما ليس لدى الشخص الواقف أمامك إلا قميص واحد مجبر أن يلبسه يوميا وربما لم تصل المياه لبيته بعد لأنه يعيش في منطقة عشوائية..ماذا تعرفين أنت لتحكمي على الناس" .

وبرغم ما في كلام والدي من وجهة نظر لها سلامتها، إلا أنني لم اقتنع بها كلية لأن النظافة لا تتطلب إلا "المياه" ولأن الفقر ليس بالضرورة له رائحة سيئة...

ولأن السيدة التي تأتي لمساعدتي بالمنزل نظيفة جدا غاية النظافة برغم الفقر والعوز والعمل الشاق والأمثلة كثيرة..

ولأن بيوت العرب كان يتم التعرف عليها في الأندلس بسبب نظافتها ورائحتها المميزة برغم الفقر.. عكس بيوت بعض الجنسيات الأخرى.

وأنا حين أقرأ أستمتع بذلك الكاتب الذي يصف الروائح بدقة.

ولفرط حبي لروعة تصوير الرائحة أصبحت استيقظ يوميا "غالبا" لأخبز نوعا من الخبز فيمتلىء البيت صباحا برائحة الخبيز.. رائحة الخير..تختلط مع الشاي باللبن..مشروبي المفضل..

ذلك اني أردت بقوة أن أخلق لدى أولادي "ذاكرة حلوة للرائحة التي يستيقظون فيجدونها في بيتهم" تمام كتلك التي تذكرني ببيت جدتي قرب عيد الفطر حين تنطلق رائحة الكعك والبسكويت لتعلن اقتراب العيد، غارقة تلك الرائحة في ابتهالات الشيخ سيد النقشبندي والذي كان صديقا شخصيا لجدي أبي أمي لذا تحرص جدتي على تشغيل ابتهالاته طيلة رمضان..

وتماما كرائحة شوربة لسان العصفور بالحبهان مع صوت الشيخ محمد رفعت يعلن آذان المغرب حسب التوقيت المحلي لمدينة القاهرة..إنها ذاكرة البيوت..لا بد أن نخلق لأبنائنا ذاكرة ذات رائحة مبهجة إنها رائحة الونس والألفة والخير..

ونرجع تاني لأنفي العجيب ولكم أن تتخيلوا العذاب وأنا في المترو صيفا " حين أتيقن من أن الشخص الواقف على بعد سيدتين مني "أكرمكم الله" لم يستحم منذ يومين على أقل تقدير" أو فتاة وضعت ماكياجا رخيصا تحول مع العرق واللزوجة لخريطة ساحت تماما ولها رائحة غريبة ومنفرة ...

وأظل أتساءل اين الضرر لو امتنعنا عن وضع تلك المساحيق المرعبة وأظل أصبر نفسي بأنني ألتحم بملح الأرض...آه بس لو ملح الأرض يبطل يحط ميك اب :( كفاية الرووج والكحل والنبي.

 ولكم أن تتخيلوا كم يرهقني حبي لبارفان معين ألتصق به ولا أستطيع أن أغيره وربما أزيد عليه نوعا آخر، وأكلف "طوب الأرض" بالبحث عنه وعلى رأس هذا الطوب "نشوة صديقتي" التي أحببتها بسبب بارفانها "love of paris" حين تعرفت إليها وأنا في الجامعة وازداد حبي لها حين بدأت هي في استعمال "tresor" والرشوة الوحيدة التي أضعف أمامها هي البارفان..

لدرجة أنني استمتع حتى بمعنى الاسم الخاص بالبارفان...

كانت لدي زميلة بالجامعة أحببتها لأنها تضع بارفان برائحة الخوخ اسمه "joie de vivre" يعني "متعة الحياة "وأنا عاشقة للخوخ ورائحته والبرقوق وكل الفواكه المدورة صغيرة الحجم ذات الرائحة المميزة...

وأنا بالجامعة كنت أعمل بشركة سياحة إيطالية وسافرت صاحبة الشركة لليونان وعادت وقد وضعت عطرا رائعا اسمه "كلك فلور لو اوريجينال" "quelque fleure l,original.ومعناه" تلك الزهرة الجميلة ".

وطلبتها من والدي الذي ظل يبحث عنه وكان مسافرا حتى عثر عليه واشترى لي منه وظللت أستعمله للآن إلى جانب بعض الأنواع الأخرى وكثيرا ما أرفض الإفصاح عن اسم البارفان غيرة عليه، اللهم اذا كانت صديقة مقربة أو شخصية تقدر ما تضعه من عطور...وتتفهم كيمياء العطر...

وأنا كلما اقتربت مني إحدى بناتي ...أقبّلها وأشمشم فيها مثل "الكلب هول" واستمتع برائحة شعرها ورقبتها بالضبط مثل الحيوانات والبنت تضحك..وعندما أصاب بالزكام أشعر أني صرت مسكينة صاحبة إعاقة كالأصم والأبكم وغيرهم من ذوي القدرات الخاصة.

كما أنني أستطيع أن أميز الملابس إذا ما كانت عملية "الشطف" بعد الغسيل تمت بنجاح أو أن الملابس كانت تحتاج لشطفة أخرى وهو عيب أجده في ملابس كثير من الناس...ولا ينتبه له إلا قليلون.

ويزداد الموضوع عندي ضراوة حين يقدم الربيع...وتبدأ الروائح في الاختلاط ويصبح التمييز متعة ونقمة..فللربيع رائحة وللشتاء رائحة ولكل شيء في الدنيا رائحة مميزة ولكل مخلوق كيمياء جسدية تختلف..الرائحة مثل البصمة...لا تتشابه مطلقا..... 

لن يفهم معاناتي..إلا من ابتلي بأنف كأنفي...وهم كثير ولكن لا شيء نعرف عنهم.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2491 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع