هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • القاهرة .. جبارة المحبة جابرة التائهين.
  • من طرف واحد
  • العتاب محبة
  • هزمني الصمت
  • على لسان نائب
  • ديننا و دينهم
  • الرجل .. للحب جائع
  • التعلم و النجاح المالي
  • من أعجب الناس إيماناً عند الله يوم القيامه ؟
  • كرموا فتحي عبد السميع
  • قواعد الأستخدام الآمن لمضادات الإكتئاب
  • أخطاء الكبار و الصغار
  • الخوف من بعضهن
  • قبل ما ناكل حلاوة المولد
  • معنى الحب
  • هل خدعكم سبتمبر قبلا؟
  • عاشق عابد صادق أواب
  • أختبئ داخلي
  • فيولين - عهد الثالوث - الفصل 14
  • أنت ميّت على قيد الحياة
  1. الرئيسية
  2. مدونة حاتم سلامه
  3. الغيورون على دينهم ليسوا متشددين

يا دكتور عاصم 

الغيورون على دينهم ليسوا متشددين

--------------------------------------------------

صدر مؤخرا مع الباعة مجلة الهلال في عدد خاص عن مؤسسها جرجي زيدان بمناسبة مرور 132 عاما على صدور العدد الاول.. لقد اشترك جمع كبير من الكتاب والمصنفين في الكتابة عن جرجي ومدحوا الرجل مدحا عظيما وجعلوا منه أحد بناة النهضة المصرية الحديثة.

وفي ثنايا العدد قرأت مقالا لوالدنا المؤرخ الكبير الدكتور عاصم الدسوقي، والذي أتى فيه بكلام عن جرجي زيدان يستحق أن يكون لنا معه وقفة ونقاشا.

 

الدكتور عاصم يذكر ان اختيار جرجي لشعار الهلال كان تقديرا للدولة العلية التي يعيش في كنفها، حينما احترم شعارها الإسلامي وتبركا به فجعله عنوان مجلته. 

ويرى كذلك أن المتشددين الإسلاميين لم ينظروا إلى قوله الذي كتب فيه: "أن تاريخ الإسلام حلقة موصلة بين الشرق والغرب؛ لأنه بامتداد أصحابه إلى أقصى الشرق وإلى أقصى الغرب تمكنوا من الوصل بينهما، وهو أيضًا حلقة موصلة بين التمدن الغربي القديم، والتمدن الغربي الحديث؛ لأنه حفظ ما توالى على عوامل التمدن الغربي القديم من التغيير أو التحوير في العلوم الفلسفية والطب مما اشتغل به المسلمون في أثناء تمدنهم، ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا بتاريخ الإسلام"

ويرى الدكتور عاصم من خلال هذا الكلام أن جرجي كان حريصا ألا يكتب شيئا يغضب المجتمع الذي يعيش فيه.

يرى الدكتور عاصم احترامه الشديد للمظاهر الإسلامية وعلى رأسها التاريخ الهجري الذي كان يذكره على الدوام

وكان يقول الفتح العثماني بدلا من الغزو العثماني الذي كان يقول به البعض.

وذكر الدكتور عاصم من كلامه قوله بعد ان استغنت الجامعة عنه لكونه مسيحيا: "لا بأس أن ننتقد المسيحية لأن المسيحيين ألفوا نقد ديانتهم، أما المسلمون فيجب أن نتوقاهم لأنهم لم يألفوا النقد".. وذهب المؤرخ الموقر إلى أن هذه المقولة عبارة لها دلالتها على الفرق بين العقل والنقل، وتفسير الكثير من جمود الفكر عند المتشددين وبالتالي تجمد الفكر في بلادنا وبقائه أسيرا.

والحق أنني بعد إيراد هذه الانطباعات للدكتور عاصم تبين لي أنه ما زال قطاع عريض ومن المثقفين أنفسهم مازال مفتونا بالرجل، ولم يتبين بعد شره المستطير وجنايته العظمى على تاريخنا الإسلامي، كما تبين لي من كل ما أورده الدكتور عاصم أن الرجل كان ذكيا جدا وماكرا إلى درجة كبيره، فقد استطاع أن يلاين الإسلام والمسلمين ويظهر احترام مشاعرهم وشعاراتهم، ويدافع عن اللغة العربية، حتى يطمئنوا إليه وعبر هذا الاطمئنان يستطيع أن يدس السم في الدسم، وكلامي هنا ليس كلاما إنشائيا بل كتبت كثيرا من المقالات التي تفضح جرجي زيدان، ولكني أخص هنا قضية الرمزية التي تشبث بها الدكتور عاصم حينما زعم "أنه قدم الحقائق التاريخية على طريقة السرد المتتابع لما حدث وكأنه يريد أن يقول: هكذا حدث التاريخ فكانت تحرره من الالتزام الصارم بالوقائع، وتمكنه من صياغة الشخصية التي اختارها دون أن يجرؤ أحد على محاسبته على اختياراته وهكذا الأدب الرمزي الذي يلجأ إليه كثير من الروائيين"

وأنت هنا يصيبك الذهول من هذا الكلام، إذا علمت هوية المتكلم، إنه مؤرخ كبير ويفترض أن يكون من أكثر الناس غيرة على التاريخ وحفظ حقائقه وثوابته، ومع هذا نراه يولي كل هذا الكلام ظهره من أجل تمجيد جرجي زيدان.

فهذا حقيقة مما يثير العجب العجاب.

لقد ارتكب جرجي زيدان كوارث عظيمة في تاريخنا وعمد إلى إفساد انطباع القراء وأفهامهم عن رجال التاريخ وقدواته، بل تعند قتل روح الانتماء لهذا التاريخ والتعصب له، والتفاعل معه على أنه مجرد أحداث مضت لأناس لا علاقة لنا بهم أو رابط يربطنا بهم.

إن الرواية التاريخية في عرف الأدباء والنقاد تستقي معينها من التاريخ وقد وضعوا لها مقاييس نقدية مهمة، لأنها ليست كأي رواية تعتمد على الخيال اعتمادا خالصًا، ومن ثم كان أول شيء يجب مراعاته فيها، أن يسير سردها مراعيًا أحداث التاريخ الحقيقية، فلا يحرف أو يبدل أو يكذب، وإذا كان لابد فيها من بعض الخيال، فإن هذه الضرورة يجب أن تنسجم مع الحقائق التاريخية ولا تغايرها أو تضاد منطوقها، أما إذا جافتها أو خرجت على حقيقتها تحولت إلى رواية تعتمد الكذب والتزييف، وهذا ما فعله جرجي زيدان في رواياته.

ونأتي هنا إلى اعتراض الغيورين على تاريخهم وتراث أمتهم على كتابات جرجي زيدان وتسمية الدكتور عاصم لهم بالمتشددين، ووصف حال جرجي والمعترضين عليه بأنهم كالمتشددين الذين اعترضوا على الشيخ علي عبد الرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم لمجرد أنه قال: "الإسلام دين لا دولة ورسالة لا حكم"

وأنت هنا تنظر بدهشة إلى كلام الدكتور عاصم وهو يقول هذا اللفظ (لمجرد) وكأن ما ادعاه علي عبد الرازق من هذا الكلام مجرد أمر يسير بسيط ولا يعلم الدكتور عاصم أنه كلام يضاد الثوابت الدينية وينسف الفكرة الإسلامية من أساس، وأن الإسلام دين ودولة كما أقرت الشريعة والقرآن؟!

ثم يستشهد الدكتور عاصم باعتراض المتشددين على كتاب الشعر الجاهلي لمجرد أنه "ذكر أن هذا الشعر لابد أن يكون منتحلا وتمت تنقيته من مظاهر الجاهلية التي كان لابد أن تظهر في الشعر باعتبار أن الشعر مرآة العصر" وأنا سائل ضمير الدكتور عاصم، من أخبره أن هذا هو الذي قاله طه حسين؟ ومن أخبره أن هذا الكلام هو سبب الهجوم عليه ومحاربة كتابه؟

ألا يعلم الدكتور عاصم أن الدكتور طه حسين ذهب إلى تكذيب حديث القرآن عن إبراهيم وإسماعيل، واعتبر أنه ليس دليلا كافيا على وجودهما بالفعل، والكتاب قائم إلى الان عليه أن يراجعه.

ثم إني أسائل الدكتور عاصم وأقول له: من هم هؤلاء المتشددون الذين عناهم بقوله؟

ألا يعلم الدكتور أن شيخ الازهر العلامة الخضر حسين كان على رأس المحاربين للكتاب، وأن هيئة كبار العلماء اعترضت على كتاب عبد الرازق وفصلت صاحبه من الهيئة؟

ألا يعلم الدكتور عاصم قول سعد زغلول زعيم الأمة في طه حسين في قضية الشعر الجاهلي؟

وأنا هنا لا أريد التوسع في ذكر النماذج التي عارضت الكتابين إذ يكفي أن أسرد اسم زعيم ديني وزعيم سياسي، فهل كان هؤلاء يا معالي الدكتور متشددون؟!

وماذا تريد معاليك بكلمة (متشددون) ألا يمكن أن نقول (محافظون)، وفرق كبير بين من يتشدد في دينه ومن يحافظ عليه.

إنني أرى أن الدكتور عاصم الدسوقي قد تجنى كثيرا على الحقيقة من أجل جرجي زيدان وتجميل صورته، وهو التجميل الذي يتمم ويكمل مسيرة الزيف التي بدأها هذا الرجل حينما شوه تاريخ الإسلام، وأساء إلى رموزه العظام.

وأنا أدعو الدكتور عاصم أن يراجع روايات جرجي زيدان ليدرك منها الخطورة الفادحة والتجني السافر على تاريخنا وماضينا، وإلا فماذا ننتظر من رجل صنيعة المستشرقين وتربى في المدارس الإرسالية التبشيرية وقد اعترف الدكتور عاصم نفسه أن المستشرقين أثروا في فكره، فما بالك برجل تأثر بأكثر الناس كذبا وزيفا وافتراء على تراثنا المجيد.!

لقد شوه جرجي سيرة أبطال الإسلام

ففي "فتاة غسان".. سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ورجالات الصدر الأول.. ووصفهم بالبطش، والفتك والنهب..

وفي "أرمانوسة المصرية" شوه حياة عمرو بن العاص.. وأظهر المسلمين سذجاً بسطاء أغبياء..

وفي "عذراء قريش".. شوه سيرة عثمان وعلي وعائشة.. رضي الله عنهم.

وفي "17 رمضان".. شوه سيرة خلفاء بني أمية.

وفي "فتح الأندلس".. شوه سيرة طارق بن زياد وموسى بن نصير.

وفي "شارل وعبد الرحمن".. شوه سيرة عبد الرحمن الغافقي.

وفي "أبي مسلم الخراساني".. شوه سيرة المنصور.

وفي "العباسة أخت الرشيد".. شوه سيرة الرشيد. 

وفي" الانقلاب العثماني "… شوه سيرة الخليفة السلطان عبد الحميد الثاني

نسب إلى عمر حريق الإسكندرية وشوه سيرته ورد عليه العقاد وصد افتراءه

وهكذا شوه جرجي أيضاً سيرة المعتصم، وأحمد بن طولون، وعبد الرحمن الناصر، والظاهر بيبرس وقطز، ومحمد أحمد المهدي، والخليفة السلطان عبد الحميد الثاني.

يقول الأستاذ شوقي أبو خليل كتابه (جرجي زيدان في الميزان) عن رواياته: 

"تعمد فيها التخريب والكذب لأجل تحقير العرب، عن سوء قصد، لا عن جهل"

ويقول الأستاذ أنور الجندي عن رواياته: (أما المجال الذي استطاع جرجي زيدان أن ينفث سمومه فيه بحرية؛ فهو مجال القصص، فقد ألف عدداً من القصص تحت اسم "روايات الإسلام"، دس فيها كثيراً من الدسائس والمؤامرات والأهواء، وحاول إفساد مفهوم الشخصية الإسلامية والبطولة الإسلامية، حيث أساء إساءة بالغة إلى أعلام من أمثال صلاح الدين الأيوبي، هارون الرشيد، الخليفة السلطان عبد الحميد الثاني، عبد الرحمن الناصر، أحمد بن طولون، الأمين والمأمون، عبد الرحمن الداخل، شجرة الدر)

ولعل هذه الشخصيات التي نقلنا عنها هذا الكلام لا تكون محل ترحيب من الدكتور عاصم ويعدها من الشخصيات المتشددة أو الإرهابية، لكن عليه أن يقرأ تاريخيات جرجي بنفسه ليبصر فيها هذا الافتراء، وليخلع من فهمه ما ذكر عن رمزية الأديب التي تبيح له حتى إن شاء أن يسيء الأدب إلى الذات الإلهية ولا حرج عليه.!

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1287 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع