أخذتني خُطواتي إلى معرض الصور الذي يُقامُ ببلدتي كُلّ عام، إرتديتُ جلبابي الأسود وحملتُ حقيبة يدي، ثُمَّ ذهبتُ حيثُ يُوجد.
تجوّلتُ بينَ لوحاتهِ المبذول عليها جُهدًا مِن قِبلِ رسّاميه، لكنَّ شيئًا لم يُعجبُني، صعدتُ إلى الطابقِ الثاني فأستوقفتني اللوحة المعروضة أمامَ السُلّم، أخذتني تفاصيلها في رحلةٍ سياحيّة إلى عَهدٍ مَضى؛ حيثُ جدّتي الراحلة رحماتُ اللَّهِ تترا على قبرها.
تذكّرتني وأنا طفلةٌ دونَ العاشرة، شبيهةُ جدّي بلونِ العيون، وشبيهةُ أُمّي بلونِ الشعر، ولا شَبيهَ لرَّوحي، فبها تميَّزتُ عن غيري.
رأيتني وقد أجلستني جدّتي بجوارها، بعدَ أنْ أعدَّتْ لي صحنًا من الكبدة البلدي بالسمن البلدي، وأخذتْ تُشاهدني وأنا أتناولهُ بفرحٍ وسرور.
آهٍ من الموهوبِ حينَ يُخلصُ في عمله!
رنَّ هاتفي النَّقال ليُعيدني إلى عصري الحالي، أسكتهُ بزِرِ الإغلاق، وأكملتُ جولتي.
لحظاتٍ ورأيتُ ما يسّرني؛ حيثُ اللوحة الفريدة من نوعها، لوحةٌ لم أرى كَمثلها من قبل، نصفها الأوّل صنوف من الكُتبِ قد صُفّتْ صفًّا، ونصفها الآخرُ ويكأنَّهُ نافذة!
وقفتُ مذهولة من جمالها، ثُمَّ أخذتُ أُفكّرُ في مَقصدِ راسمها، فوجدتهُ وقد أهدى الحيارى روشتة علاج لِما يُنّغص حيواتهم.
فنصف اللوحة الأوّل يُعبّر عن مدى الإنسجام النفسي الذي يحصل عليهِ مَن رافقَ كِتاب، وأمَّا نصفها الآخر فهو الوقت الذي يقضيهِ الشخص في عملهِ وتفاعلهِ مع المُجتمع والاجتماعيات.
إذًا المُعادلة صحيحة.. لتَكُن الحياة نصفها كِتاب؛ كي تكونَ حياة.