كُلّنا يعلم أنَّ اللَّهَ سُبحانَهُ وتعالى قد خلقَ أبينا آدم عَلَيْهِ السّلام_ ليكونَ خليفةً لهُ في أرضه، أمَّا ما لا يعلمهُ الكثيرونَ هو أنَّ لأبليس خليفةً في الأرض ليستْ منهُ ولا هو منها، خليفة لا يُمكن أنْ تُطابقهُ في شيءٍ عدا العمل.
خليفة إبليس في الأرض هُم بشرٌ ينتسبونَ لأبينا آدم _عَلَيْهِ السّلام_ بالمُسمّى لكنَّ فِعالهم تُؤكد أنَّهُ ثَمّة صِلة بينهم وبينَ إبليس، إنَّها أعمالهم التي لا تُرضي سوى الشَّيطان!
وكما هو معلوم عن وجودِ شَّياطينٍ من الإنس، فأولئكَ هُم خليفة إبليس التي لم يتعب في تعليمها الشرّ؛ لإكتفائهم بالشرّ الذاتي الذي يتصّفونَ به.
عن أضرارِ شَّياطين الإنس لغيرهم من البشرِ حَدِّث ولا حَرج، هُم شَّياطينٌ مُتخفيّة أو قُلْ تظنّ نفسها كذلك، لكنَّ فِعالهم كشَّافٌ لِمَا يُخفون.
سُبحانَ ملك الملوك ربّ العِزّةِ والجبروت!
وعن صفاتِ جنود إبليس من بني آدم، فهُم مَن خَلَتْ قلوبهم من التقوى، سيقول قائل: وكيفَ تحكُمينَ عليهم والتقوى محلّها القلب، واللَّهُ وحدهُ أعلمُ بالنيّات؟
وأيمُ اللَّهِ يا هذا إنَّ العملَ هو أكبر دليل على ما يُخفيهِ القلب، والنيّة يُدللُ عليها من خلالِ العمل، فمثلًا مَن كانتْ نيّتهُ أنْ يتصدّقَ بطعامٍ سعى في تحقيقِ ما نوى؛ كأنْ يبتاع اللحم، والأرز والخُبز، ثُمَّ يقوم بطهي اللحم وعمل المرق، وكذا الأرز، إنْ كانَ سيتصدّق بهِ بهذهِ الطريقة، أو سيتصدّق باللحمِ نيئًا ففي الحالتينِ قد قامَ بعملٍ دللَ على نيّته.
أعودُ بالحديثِ عن خليفة إبليس، الذّينَ هُم ألدُّ خِصامًا لأبناءِ جِنسهم أكثر من إبليس ذاته، ولا عجب؛ إنْ كانوا قد إنسلخوا من التقوى بأهوائهم.
ربّنا آتنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنة، وقِنا عذابَ النّار.