هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • القاهرة .. جبارة المحبة جابرة التائهين.
  • من طرف واحد
  • العتاب محبة
  • هزمني الصمت
  • على لسان نائب
  • ديننا و دينهم
  • الرجل .. للحب جائع
  • التعلم و النجاح المالي
  • من أعجب الناس إيماناً عند الله يوم القيامه ؟
  • كرموا فتحي عبد السميع
  • قواعد الأستخدام الآمن لمضادات الإكتئاب
  • أخطاء الكبار و الصغار
  • الخوف من بعضهن
  • قبل ما ناكل حلاوة المولد
  • معنى الحب
  • هل خدعكم سبتمبر قبلا؟
  • عاشق عابد صادق أواب
  • أختبئ داخلي
  • فيولين - عهد الثالوث - الفصل 14
  • أنت ميّت على قيد الحياة
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد شحاتة
  3. مكالمة نص الليل 

٢٤_٨_٢٠٢٤

محمد عبد الرحمن شحاتة 

 

عمري ما شوفتها قبل كده، ومعرفش حاجة عنها غير صوتها، وبداية الحكاية من ليلة بينطبق عليها المثل اللي بيقول: رُبَّ صدفة خير من ألفِ ميعاد.

 

ليلتها كنت سهران كالعادة، أصل أنا كائن ليلي، وبعد نُص الليل؛ حسيت بتليفوني بيتهَز، لأني غالبًا بكون عامله على وضعية الاهتزاز، استغربت مين اللي بيرن عليا في وقت زي ده، لأن مش من العادة إن حد يكلمني بالليل كده.

 

لما بصيت في شاشة التليفون لقيته رقم غريب، في البداية تجاهلت الرنة، قولت: أكيد حد بيرن بالغلط، بس لما التليفون رن مرة تانية، لقيت نفسي مُضطَر أرُد، وبالفعل رديت:

_آلو.

_آلو.

 

كان صوت ساحِر، بمجرد ما سمعت كلمة واحدة نسيت نفسي، ونسيت استغرابي من الاتصال، واتمنيت المكالمة تستمر للأبد.

 

غمضت عيني وسرحت مع الصوت، اللي فضل يكرر نفس الكلمة، آلو.. آلو، ساعتها فوقت من شرودي وقولت:

_مين معايا.

 

في اللحظة دي قالت:

_آسفة.. يظهَر الرقم غلط.

 

المكالمة اتقفلت في لحظة، وفضلت فاكر نبرة الصوت اللي سحرتني، ولقيتني بدون ما أحِس بمسك تليفوني، وبطلب الرقم من تاني، وساعتها سمعت صوتها اللي بيسحِر:

_آلو.

_أنتِ مين؟

_مش ضروري.. كل الحكاية إني طلبت النمرة غلط، حطيت رقم بدل رقم.

_يمكن لأن حظي كويس.

_متأكد إن حظك كويس؟

_أكيد.. وإلا مكنتش بسمع الصوت ده دلوقت.

 

كنت مغمض عيني وأنا بكلمها، زي ما أكون بسمع سيمفونية هادية ومندمج معاها، بعدها حسيت في كلامها بلهجة إعجاب، وأنا مترددتش وبادلتها نفس الشعور، الغريبة إنها رفضت تقول اسمها، خصوصًا إن الترو كولر مكانش جايب اسم صاحب الرقم، بس مكانتش دي المشكلة بالنسبة لي، أنا ليا صديق بيشتغل في شركة الاتصالات، لما أقابله هطلب منه يجيب لي الاسم اللي الرقم متسجل عليه.

 

والحكاية استمرت بعد كده، كان في بينا مكالمة كل ليلة، وهي مقالتش حاجة عن حياتها غير إنها في آخر سنة حقوق، يمكن ده خلاني حابب أتعرف عليها أكتر، أصل أنا كمان في آخر سنة حقوق القاهرة، وأبويا محامي كبير ولما أتخرَّج همسك المكتب مكانه، يعني مفيش فرصة أحسن من كده.

 

بعد كام ليلة مكالمات، قولت لها وأنا مغمض عيني وسامع صوتها وكأنه موسيقى:

_مش هتقولي بقى أنتِ مين ومنين؟

_لازم تعرف يعني؟

_مش عاوز أعرف وبس، أنا بتمنى أشوفك.

_متأكد إنك عايز تشوفني؟

_بدون شَك.

_بس على شان تشوفني لازم تغمض عينك.

_أنا فعلًا مش بكلمك غير وأنا مغمَّض، ما هو على الأقل لو مش هشوفك في الحقيقة يبقى أتخيَّلك.

_طيب وأنت مغمض كده قول ورايا.. احضري يا روح صاحبة الصوت.

_إيه اللي أنتِ بتقوليه ده!

 

وساعتها قالت لي:

_اعتبر إننا بنتسلَّى؛ هتخسر إيه يعني؟

 

ساعتها وافقتها وقولت:

=احضري يا روح صاحبة الصوت.

_المحتجزة خلف الحاجز الشفاف.

=المحتجزة خلف الحاجز الشفاف.

_الذي نرى من خلفه ولا نرى من أمامه.

=الذي نرى من خلفه ولا نرى من أمامه.

_ولا نتجاوزه إلا بإذن.

=ولا نتجاوزه إلا بإذن.

_فتَّح عينك بقى وبُص على شمالك.

 

لما نفذت اللي طلبته منّي التليفون وقع من إيدي، الرعب ملكني وفقدت القدرة إني أغمض عيني من تاني، زي ما تكون في حاجة بتجبرني أفضل باصص لها، اللي كانت قدامي جمجمة وحواليها كفن، وكفوف إيدها اللي باينة من الكفن كانت هيكل عظمي.

 

زي ما فقدت القدرة إني أغمض عيني، فقدت القدرة إني أصرخ، ومن العجز اللي كنت فيه؛ مكانش قدامي غير إني أرمي نفسي على الأرض من الناحية التانية للسرير، وفعلًا عملت كده؛ وبعدها انتظرت شوية يمكن أحِس بحركة أو أي شيء، لكن ملاحظتش حاجة، يمكن ده اللي خلاني أقوم من الأرض، رفعت جسمي بالعافية، وبصيت بكل حذر في المكان اللي كانت واقفة فيه، بس المكان كان فاضي، وهي مالهاش أثر.

 

أول تخمين وصلت له إن ده تأثير هزارها التقيل، أقصد يعني الكلام اللي كنت بقوله وراها، تمالكت أعصابي ومسكت تليفوني، وطلبت رقمها تاني، والغريبة إن الرقم كان غير موجود بالخدمة!

 

بعد اللي حصل ده؛ أول حاجة عملتها لما النهار طلع، هو إني كلمت صديقي اللي في شركة الاتصالات، وطلبت منه اسم صاحبة الرقم في السر يعني، وبعد شوية عرفت منه إن آخر اسم الرقم متسجل به كان غادة السيد، وإن الرقم ده اتسحب من حوالي أربع سنين ومحدش استخدمه تاني.

 

بعد ما أخدت منه الاسم بالكامل، بعت الاسم لمحامي في مكتب أبويا، على شان يبعته لواحد معرفته في السجل المدني ويقول لي مين غادة السيد دي وساكنة فين، بس الغريبة إني اتصدمت من الرد، لما عرفت إن صاحبة الرقم كانت طالبة في آخر سنة حقوق عين شمس، لكنها اتوفت من أربع سنين، وسبب الوفاة كان حادثة سير وهي بتعدِّي الطريق رايحة الكلية، وطبعًا دي بيانات من شهادة وفاة كانت طالعة من السجل المدني.

 

قررت أبعت حكايتي لمعالج روحاني بتابع صفحته على فيس بوك، ولما حكيت له الحكاية حصل بينا حوار وقال لي:

_دخلت المقابر بتليفونك؟

 

حاولت أفتكر إن كان ده حصل ولا لأ، وبعدها قولت له:

_كنت في جنازة من أسبوعين تقريبًا، وتليفوني وقع في المقابر، ورجعت دوَّرت عليه ولقيته.

 

وهنا كان ردُّه الصادم:

_في بنت ماتت في حادثة ومدفونة هناك، في المكان اللي تليفونك وقع فيه، ومن هنا حصل التواصل، روح البنت تواصلت معاك عن طريق التليفون، والحل إن تليفونك يتغيَّر هو والرقم؛ على شان التواصل ده ينتهي.

 

ساعتها رديت عليه وقولت:

_هو في حد ميِّت هيكلمني على التليفون يعني؟

_يابني العالم ده قدراته تفوق قدراتنا، إحنا في عالم مادي وهما في عالم روحاني؛ طاقة يعني، أنت لو حد عاوز يعرف مكانك هيعرفه بسهولة عن طريق التليفون، ما بالك بقى لو روح، الموضوع ده بالنسبة لهم بسيط جدًا.

لما انتهيت من الكلام معاه؛ قررت أروح عند القبر اللي لقيت عنده التليفون، أنا فاكر المكان كويس، وفعلًا روحت، ولقيت رخامة القبر مكتوب عليها "فقيدة العلم والشباب غادة السيد"؛ نفس الاسم اللي كان متسجل به الخط؛ وكان تاريخ الوفاة من أربع سنين فعلًا.

أخدت بعضي وخرجت من المقابر، وأول حاجة عملتها هي إني نفذت كلام الشيخ؛ غيَّرت رقمي واشتريت تليفون جديد، اللي بحكي لكم منُّه الحكاية دلوقت.

تمت...

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1681 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع