هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • القاهرة .. جبارة المحبة جابرة التائهين.
  • من طرف واحد
  • العتاب محبة
  • هزمني الصمت
  • على لسان نائب
  • ديننا و دينهم
  • الرجل .. للحب جائع
  • التعلم و النجاح المالي
  • من أعجب الناس إيماناً عند الله يوم القيامه ؟
  • كرموا فتحي عبد السميع
  • قواعد الأستخدام الآمن لمضادات الإكتئاب
  • أخطاء الكبار و الصغار
  • الخوف من بعضهن
  • قبل ما ناكل حلاوة المولد
  • معنى الحب
  • هل خدعكم سبتمبر قبلا؟
  • عاشق عابد صادق أواب
  • أختبئ داخلي
  • فيولين - عهد الثالوث - الفصل 14
  • أنت ميّت على قيد الحياة
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد شحاتة
  3. روح نعيمة

ربنا فرجه قريب، وما ضاقت إلا وفُرِجَت، أصل بعد شهرين من قعدتي في البيت بدون ما أطلع شُغل؛ لقيت الباب بيخبَّط؛ ولما فَتَحت لقيت واحد في نفس سنّي تقريبًا بيقول لي سلام ربنا، وبعدها سألني:

_الأسطى حمدان؟

_أيوا أنا الأسطى حمدان؛ اتفضل.

_عاوز أعمل نِقاشِة البيت، ولما سألت عن نقَّاش كويس ولاد الحلال بعتوني عندك.

 

حسيت إن في جبل انزاح من على قلبي، شغلانة كويسة هاخد منها قرشين كويسين، وعلى شان أحط رجلي في الشغلانة قولت له:

_هو المكان فين؟ عايز آجي أشوف البيت هيتكلف إيه وهيكون إيه نظام الشغل؟

 

وفعلًا روحت معاه وشوفت البيت، كان دور واحد وشكله متجدد؛ والحقيقة كان في منطقة بعيدة شوية، بس ده مكانش شاغل بالي، كل اللي يهمني إن الشغلانة متروحش منّي، ده اللي خلاني أتِّفق في مبلغ مقبول مع الراجل، وبالمرة أبقى عملت اسم في مكان جديد.

 

رجعت في اليوم ده بعد ما أخدت عربون من صاحب البيت، وروحت اشتريت المِوَن اللازمة للشغل، واتصلت على شوقي؛ الصنايعي اللي كان بيطلع معايا باليومية، بلَّغته بالشغلانة وقولت له إننا هنتوكل على الله بعد الفَجر على طول.

 

قبل الشمس ما تطلع كنا في البيت ومعانا كل حاجة، ساعتها طلبت من شوقي يخرج يشوف أي مطعم يجيب منه كام سندوتش؛ ولما يرجع يعمل لنا اتنين شاي، على ما أكون أنا نصبت السلم وجهِّزت العِدَّة.

 

بعد ما خرَج قومت أجهز الحاجة، ويادوب لسَّه بنصُب السلِّم وحسيت بحركَة ورايا، وساعتها قولت بدون ما ألتِفت:

_لحقت تروح وتيجي بسرعة يا شوقي؟

 

الحركة فضلت مستمرة بدون ما يرُد على كلامي، ده اللي خلاني أكمل نَصب السلِّم بسرعة وألتِفت أشوف مبيرُدش عليا ليه، وساعتها بصيت ورايا وأنا بقول:

_مبتردش عليا ليه يا واد يا شو...

 

لساني انعَقَد لما لقيت الصالة فاضية، وباب البيت مردود زي ما شوقي سابه وهو خارج، بدأت ألتفت حوالين نفسي، وساعتها حسيت بحركة في السلِّم، بصيت أشوف إيه الحكاية؛ ولقيت إن الحَبل اللي بيمسك السلِّم في بعضه بيتهز.

 

في اللحظة دي لمحت شيكارة أسمنت فاضية بتتهز في الصالة، بس مشغلتش بالي لأنها كانت في وش الشباك المفتوح، لأني خلاص فهمت إنها اللي عملت الصوت لما اتحركت، شوية هوا دخلوا من الشباك حرَّكوها وحرَّكوا حبل السلِّم.

 

رجعت أكمل الشغل اللي في إيدي، وبعد شوية سمعت صوت الباب بيتفتح وبعدها حسيت بخطوات حد في الصالة، بس في المرَّة دي قبل ما أتكلم مع شوقي؛ شميت ريحة طعمية سخنة، وبعدها لقيت إيد بتتمد من ورايا بسندوتش، أخدته وحسيت بنفسي مفتوحة للأكل، وساعتها قولت وأنا بفتح الورق اللي السندوتش ملفوف فيه:

_اتنين شاي بقى على شان نحبِس ورا الأكل ونبدأ شغلنا.

 

قعدت فوق جردل مقلوب وبدأت أفطر، كنت حاسس بحركة شوقي وهو بيجهِّز الشاي، وبعد ما أخدت لقمتين من السندوتش سمعت تليفوني بيرن، حطيت السندوتش جنبي على شان أعرف أطلَّع التليفون من جيب البنطلون، وبعد ما بصيت فيه لقيت إن شوقي هو اللي بيرِن؟

 

قولت في سري إيه العبيط ده؟ يعني بيعمل شاي ورايا وبيرن عليا!

 

بصيت ناحيته أشوفه بيرن ليه وهو جنبي، بس اتفاجأت إنه مش موجود، حتى عدِّة الشاي كانت في مكانها وكأن مفيش إيد اتمدَّت عليها، وقفت من مكاني وأنا مذهول، ولقيت عيني بتروح على الأكل اللي سيبته من إيدي، على شان أتفاجأ إن الأكل كمان مش موجود!

 

كنت بلف حوالين نفسي وعقلي هيطير، الواد شوقي مش موجود والسندوتش نفسه مش موجود؛ حتى باب البيت متوارب زي ما هو.

 

لقيت نفسي بفتح المكالمة وبرُد عليه وبقول له:

_أنت فين يا شوقي؟

_بقول لَك يا معلم حمدان؛ عاوز سندوتشات الفول بالزيت الحار ولا من غير؟

 

حسيت إن جسمي اتهَز لما سمعته؛ فقولت له:

_هو أنت خرجت تاني روحت المطعم؟

_خرجت فين يا معلم؛ دا أنا من ساعتها بلِف على مطعم لما نفسي اتقطع، المنطقة دي مفيهاش غير مطعم واحد وبعيد عن البيت.

 

في اللحظة دي قولت بصوت مهزوز وأنا مش فاهم حاجة:

_هات اللي تجيبه.

 

قفلت المكالمة وأنا حاسس إني في غيبوبة، مش فاهم إيه اللي حصل، ده أنا لسه حاسس بطعم الطعمية في بوقي، وفي نفس الوقت الواد شوقي مجاش ولا جاب سندوتشات، هي إيه الحكاية؟!

 

قولت أكبَّر دماغي وأركِّز في الشغلانة، رجعت من تاني أجهِّز في العدِّة، بس لقيت جسمي بيتجمِّد من الخوف، لأن لما عيني جت ناحية السلم شوفت جنبه واحدة قاعدة في الأرض؟

 

كانت لابسة قميص أبيض، وشعرها سايب ونازل على وشها، مكنتش عارف أتصرف ازاي، يعني لو شوقي دخل فجأة دلوقت هيقول عليا إيه لما يشوفها معايا؟

 

في الوقت ده قولت لها:

_أنتِ مين؟

 

كانت بتبُص في الأرض وكأنها مش سمعاني، وساعتها كررت سؤالي:

_أنتِ مين يا سِت؟ وبتعملي إيه هنا؟!

 

ساعتها بس ردَّت عليا وقالت:

_نعيمة مماتِتش موتة ربنا زي ما بيقولوا.

 

بمجرد ما سمعت كلامها رجعت لورا، مكنتش فاهم مين نعيمة ولا إيه حكايتها؛ ويمكن ده سبب حالة الصمت اللي كنت فيها، كنت حاسس بخوف ودي حاجة بتحصل لأول مرة، وحسيت بخوف أكتر لما باب البيت اتفتح، ولقيت شوقي داخل بالسندوتشات وهو مش واخد باله من الست اللي قاعدة جنب السلم، وكان بيتكلم عادي وبيقول:

_معلش اتأخرت عليك يا اسطى حمدان، بس متعوَّضة؛ شوية سندوتشات يفتحوا النفس على الشغل.

 

وقفت أبُص له وأنا متخشِّب، ولما سألني عن سبب الحالة اللي كنت فيها بقيت محتار، ولقيتني بشاور ناحيتها على شان أسأله إن كان شايفها ولا لأ، لكن لقيت مكانها فاضي، وإيدي فضلت ممدودة ناحية السلم اللي هي كانت جنبه، لدرجة إن شوقي قال لي:

_هو في حاجة في السلم يا اسطى حمدان؟

 

لما سألني حسيت نفسي بفوق من غيبوبة، وبصراحة كده فسرت اللي حصل على إنه هلاوس، أصل شهرين بدون شغل ونفسية الواحد كانت في الحضيض، وفجأة يجي الرزق لحد البيت، ممكن ده يكون حصل من الفرحة، بس فرحة إيه اللي تخلي الواحد يشوف واحدة وتقول له: نعيمة مماتِتش موتة ربنا؟!

 

كان لازم أبدأ شغل لأني قابض عربون، والشغل مفيش فيه لا هزار ولا عواطف، ومن وقت للتاني كنت بلتفِت حوالين منّي بسبب اللي حصل، بس اليوم فات عادي ولا حصل أي حاجة، ويوم ورا التاني والدنيا كانت ماشية زي السكينة في الحلاوة، لحد آخر يوم في الشغلانة، وهو اليوم اللي هسلِّم فيه الشغل لصاحب البيت، في الوقت ده كنت حاسبت شوقي وسابني ومشي، لأن الشغل خلص خلاص، وفضلت موجود لحد ما صاحب البيت ييجي يستلم منّي ويعطيني باقي حسابي، لكنه اتأخر ومكانش قدامي غير إني أنتظر، بس وأنا منتظره حسيت إني عاوز أفُك زنقتي، دخلت الحمام وخرجت، بس لما خرجت فضلت واقف متنَّح، البيت رجع زي ما هو، شغل النقاشة اللي اشتغلناه اختفى، الحيطان على الأسمنت، كنت ببُص للسقف والحيطان وأنا متنَّح، لحد ما سمعت نفس الصوت جاي من ناحية السلم وبيقول:

_نعيمة مماتِتش موتة ربنا زي ما بيقولوا.

 

شوفتها قدامي، بنفس هيئتها اللي شوفتها فيها أول يوم جيت فيه هنا، وهي قاعدة نفس قعدتها جنب السلم، ساعتها قرَّبت منها وقولت:

_أنتِ مين؟

_أنا الحقيقة اللي محدّش صدقها، أنا الحق اللي ضاع، والسر اللي مهما يحاولوا يدفنوه مستحيل هيندفن، التراب بيدفن الأموات، بس مبيقدرش يدفن الحقيقة لأنها مش بتموت.

_أنا مش فاهم حاجة.

_ونعيمة كمان ماتت وهي مش فاهمة حاجة؛ كل نفس بتتقتل ظلم بتموت وهي مش فاهمة ماتت ليه، على شان كده بترجع ولازم تعرف هي ماتت ليه.

_وأنا إيه علاقتي بحكاية نعيمة؟

_طالما دخلت البيت ده يبقى لك علاقة بها، أصل مفيش حد من هنا صدَّق اللي حصل، لكن أنت غريب عن هنا، يمكن لما توصَّل الرسالة حد يحاول يعرف الحقيقة، برغم إن أوانها فات بس أرواح اللي بيموتوا ظلم بترتاح لما الحقيقة تتعرِف، أي نعم معرفتها مش هترجع عمرهم اللي انتهى ظلم بس بيرتاحوا.

_أومال أنتِ مين؟

_أنا نعيمة يا اسطى حامد!

 

بمجرد ما قالت كده أعصابي سابت، لحظة إدراكي إني واقف قدام شبح أو روح حد مات كان شيء مخيف، دا الواحد مبيبقاش على بعضه لو شاف حد ميت، ما بالك بقى لما يقف قدام عفريته.

 

كنت بتَهتِه في الكلام وأنا بقول لها:

_قصدك عفريتة نعيمة؟

_اسمها روح نعيمة يا اسطى حمدان، قول لي الأول، عجبتك الطعمية؟

 

بلعت ريقي وقولت لها:

_طعمية إيه؟

_اللي أكلتها من إيدي أول يوم دخلت فيه البيت.

 

لقيت نفسي بخبط كف على كف وأنا بفتكر سندوتش الطعمية اللي أكلت منه وبعدها اختفى، وساعتها قولت:

_هو أنتِ اللي ورا الحكاية دي؟

 

في اللحظة دي ضحكت ضحكة مخيفة وهي بتقوم من مكانها، بدأت تقرَّب مني، وساعتها ملامحها ظهرت من ورا شعرها، كانت مشوَّهة لدرجة مخيفة، جلد وشها واقع وأسنانها طالعة لبرَّه وعينيها زي ما تكون هتخرج من مكانها، ولما شافتني مرعوب قالت لي:

_خايف من شكلي؟ أومال أنا أعمل إيه؟ يعني ليا حق أرجع وأعرف إيه اللي خلاه يعمل فيا كده؟

 

رديت وأنا مرعوب وقولت:

_هو مين؟

_صلاح؛ اللي جابك هنا على شان توضَّب له البيت ويتجوز فيه بعد ما خلص منّي، لما دخل عليا المطبخ وأنا قاعدة قدام البوتاجاز وكنت بقلي طعمية، ساعتها شال طاسة الزيت اللي بتغلي وصبّها فوق راسي، وبعدها حطها مكانها تاني، وطلع يزعق في الشارع ويقول الزيت وقع على نافوخ نعيمة، الناس اتلمَّت وأخدوني للمستشفى بس ملحقتش أوصل هناك، ولما جيت الدنيا تاني؛ عرفت إنه عمل كده على شان يخلص منّي، لأنه كان رايد واحدة غيري، وهو كان كاتب البيت باسمي لأسباب شخصية، وكان عارف إني مش هوافق، ده اللي خلاه يعمل عملته اللي روحت ضحيتها على شان ياخد البيت، أنا جيت أقول لك على شان خلاص حقي قرَّب يرجع، ولما حقي يرجع السر هيندفن للأبد، لأن محدش يعرف باللي حصل غير صلاح، ولما ييجي عندي سرِّي هيموت معاه، على شان كده أنت لازم تقول اللي عرفته، وتوصَّل الرسالة لأنها أمانة، قول إن نعيمة مماتِتش موتة ربنا زي ما بيقولوا، وإن روح نعيمة هي اللي بلَّغتني.

 

في اللحظة دي اختفت من قدامي، بس مع اختفائها سمعت صوت خطوات بتقرب من الباب، واتفاجأت إن البيت رجع لطبيعته، شغل النقاشة اللي عملته ظهر تاني، قولت دا صاحب البيت جاي يحاسبني، بس لقيته واحد غريب أول مرة أشوفه، وساعتها قال لي:

_الأسطى صلاح؟

_أيون.

_عم صلاح صاحب البيت عمل حادثة وهو في المستشفى بين الحيا والموت، على شان كده مجاش يستلم منك البيت واتأخر؛ أنا ابن أخوه، وكنت عارف إنك شغال في النقاشة وهيستلم منك النهاردة، أنا لسه جاي من المستشفى وقولت أبلغك، باقي حسابك عندي يومين وتيجي تاخده منّي.

 

في اللحظة دي افتكرت كلامها اللي سمعته من دقايق، لما قالت إن حقها هيرجع، اشمعنى عمل حادثة في اليوم اللي هيستلم منّي فيه؟ اشمعنى بعد ما سمعت منها الكلام ده؟ وهل فعلًا أرواح اللي اتقتلوا ظلم بترجع تاخد حقها بنفسها؟ وتسيب رسالة بالحقيقة اللي محدش صدَّقها وبترجع تاني؟

 

عمري ما حسيت بالحيرة دي قبل كده، بس كل الأسئلة دي كانت إجابتها كلمة واحدة؛ أكيد، أومال أفسَّر بإيه اللي حصل ده؟

 

مكانش قدامي غير أني أواسي ابن أخو صاحب البيت، وبعدها سيبته ومشيت بعد ما عطيته نسخة المفتاح اللي كانت معايا، وقولت له إني راجع بعد يومين أشيل باقي العدة وآخد باقي حسابي.

 

وفعلًا؛ رجعت بعد يومين للبيت وكان في انتظاري، عطاني بقية حسابي، وعرفت منه إن صاحب البيت مات في نفس اليوم بالليل، ولقيت نفسي بعزِّيه، وبعزيه في سرّي في نعيمة مرات عمّه، اللي مبقاش حد عارف سرها غيري دلوقت، وطالما القاتل مات زي المقتول تبقى الحكاية اتقفلت خلاص، لكن في أمانه أنا شايلها لازم توصل، وكنت عامل حسابي إني أوصَّلها، كان في جيبي ورقة كبيرة مطَّبَّقة، كتبت فيها نعيمة مماتِتش موتة ربنا؛ نعيمة ماتت مقتولة، وإن روحها هي اللي بلَّغتني، عملت زي ما طلبت منّي بالظبط، وساعتها خرَّجتها بدون ما ياخد باله؛ وهو مشغول في باب البلكونة اللي كان معصلج، وسيبتها في غطا لوحة الكهربا بتاعة الشقة قبل ما أمشي، لحد ما يلاقيها صاحب النصيب، اللي مكتوب له يعرف الحقيقة، زي ما أنا خرجت من البيت بعد شهرين كاملين؛ على شان كان مكتوب لي أعرفها.

 

تمت...

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

761 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع