أذكر أنني ما حُزْتُ من الدنيا فتحا مذهلا إلا بعدما سلَّمتُ راياتي كلَّها.. حين كانت الخطوب أكبر من مساعيَّ الدؤوبة، والخيبات أشد وثاقا من عزيمتي في أزهى وجوهها.. فأكون ساعتها قد بذلت كل الجهد، وسعيتُ كل السعي، وصدقت نيتي..
ساعتها.. أسلمُ رايتي.. وساعتها.. أتسلم الفتح المبين..
وكأن أمر رد المظالم، ورفع الكروب، واللطف المذهل مرهونة كلها حقا باستحقاق العطايا، وجدة السعي، وجهد الوصول..
لكن أطياف هذي الوسائل كلها مشمولة بسلامة التسليم..
تسليم راياتك.. أن تعرف أنك ملزم بالسعي، مأمور بالجهد، مجبور بالعطايا.. لكن موعد العطاء محجوب لدى صاحب العطاء.. مرهون بسلامة التسليم.