هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • حبل من جليد  
  • فَرْق تَسُدّ
  • لازال مجتمعنا المصري متراص
  • الرياضة .. لماذا تم إهمالها في دمياط؟!
  • عنصر الوقت سبب النجاح والفشل 
  • ألف مستحيل
  • بس إنت مش حاسس
  • حكم طهارة إفرازات المهبل عند السيدات
  • توابيت مفتوحة
  • الكتابة .. مساحة من الأمان
  • رمضان .. العطاء
  • الوجه الآخر للعلاقات: حين تنقلب المشاعر
  • لا أشبع الله له بطنآ
  • الدُّمية
  • لحن لم يكتمل
  • علاقة بين الزهايمر و ميكروبات الأسنان
  • قلقٌ وأرق
  • مرج بحرَينا لا يلتقيان
  • العمدة الجديد
  • فضل صيام أيام المغفرة في رمضان
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة هند حمدي
  5. لقاء عند الجدار
  • المشاركة في المسابقات:

-اليوم العاشر من أكتوبر، الذكرى العاشرة لوفاة "يوسف" -صاحب الشعر الكيرلي وأبيضاني وحلو-، ماتت حياة أسرته في هذا اليوم، وعاش نضالهم في انتظار الشهادة بين ثنايا الأرض الطاهرة؛ كانتظار ليلة عيد بعد صيام طويل، وجرائم الحرب للصهاينة لم تتوقف من قتل الأطفال بل وأكثر من قتل النساء والعزَّل أيضًا، ودموعهم تئن تحت وطأة اليهود، لا يدركون أنهم يقتلون طفلًا وفي المقابل يتبنوا وحوشًا ستكبر وتحيا فقط من أجل الفتك بهم… ولحظة الصفر اقتربت وهم غافلون.

-لحظة الصفر اقتربت، كاقتراب حبل الوريد، دعهم يخوضون ويلعبون ويهيمون وتحيا أساريرهم، في ذلك اليوم كانت فاطمة تجلس هي وأمها تحت الدالية رغم أنها لم تتجاوز العشر سنوات، ولكن سردت لي كيف رسمت ابتسامتها، واحتضانها لأمها بكل حب، وكم كانت أمها جميلة تحب ارتداء الدمايا فجمالها الخمري لم يكن له مثيل، وعندما ذهبت تلعب بأرجوحة بين الأشجار من الحبال، سمعت حينها صوت القصف كان مدويًّا كالرعد، انقبض قلبها، وهرولت وجدت أخوالها حول سيدة يبكون بصمت، جسدها ملفوف بقماشة بيضاء لا يظهر منها سوى ضفيرتها السوداء كسواد ليلة أختفى منها القمر، صرخت وتألمت حاول أخوالها خداعها، وأخبروها أنها سيدة أخرى، ولكن أدركت أنها أمها الحبيبة من ضفيرتها، لا يستطيع أحد خداعها، هي أمها لماذا لم يتركوا لها أمها؟! لم يكفِهم قتل إخوتها وأبيها، لم يتبقَ لها أحد، لم يرحموا طفولتها وتم وئد أحلامها، وبراءتها ماذا فَعلت لهم أمها المسكينة؟ غدروا بها وتركوها بقلب خالٍ، كبرت الآن وأصبحت شبيهة أمها، ولكن تغلغل الثأر بداخلها طيلة هذه السنوات حتى أصبحت مشروع قاتلة تتربص بهم وتخطط حتى هذا اليوم وحانت اللحظة لتنفيذ المهمة بفضلهم أصبحت هكذا..

-أصبح هكذا ضحية أخرى للذئاب التي لم ترحم طفولته ابتسم لي، وبداخله يرتجف تلمع عينه لا أحد يدرك هل من الدمع المكتوم أم من الشغف؟!

لم يتعد الخمس سنوات حينها طفل صغير نائم بحضن أمه، كلما ارتفع أصوات القصف غمرته حينها بذراعيها، تدفئه بحضنها وفتح عينه لم يرَ سوى جسده تحت الأنقاض والحجارة وظلام حالك مهيب، أصابته رعشة مزمنة يرجف قلبه بين الحين والآخر ماذا أذنب؟! لكي يفتح عينه يجد برودة أحضان الأحجار بدلًا من حضن أمه! كل ما فعله أنه كان نائمًا بطمأنينة داخل بيته الدافئ، والآن بسبب فعلتهم أصبح "محمدًّا" إنسانًا حاقدًا على كل طفل منهم ينام بطمأنينة بحضن أمه، تربى على حبه المرضي للانتقام، وسيفعل كل شيء حتى لو كانت آخر قطرة من دمائه لقتل كل أطفالهم.. فصبر جميل.

صبر جميل هكذا كان يقول الشيخ عبد الله طيلة السنوات لحفيدته "ريم" -روح الروح- لقد طال الشيب شعره ووهن جسده ولكن لن ينساها؛ فهي روحه وكريمته ومؤنسته الغالية، دعى الله كثيرًا أن يطيل بعمره فقط حتى هذا اليوم، سيذهب مهرولًا أو عاجزًا حتى زاحفًا؛ لينال الشهادة ويتذوق حلاوتها وحلاوة لقاها، ولكن لا يتمنى الرحيل الآن قبل الثأر ودفن أجسادهم الفاسدة بباطن الأرض، والآن حان موعد اللقاء عند الجدار.

فارس: حسن، هل أنت مستعد الآن؟!

حسن: نعم كنت أسجل للتاريخ ما حدث وما سيحدث دومًا والأحداث تتكرر والأسماء تختلف ولكن هذه المرة مختلفة سنقضي عليهم يومًا وإذا ماتت أجسادنا فلن تموت إرادتنا، فمن رحم الشهادة تولد القوة والإصرار، ولن نتوقف حتى نسترد أرضنا.

-التقينا عند الجدار عند الخط الأخضر تجمعنا في الموعد عندما ارتفع آذان الفجر، طائرتان صغيرتان وقنابل يدوية وبعض الأسلحة الثقيلة التي طالما تدربنا عليها، وأحجار رمز عروبتنا مهما كانت أسلحتنا فالحجارة هي أقواهم ومصدر إلهامنا، وبمجرد اختراقنا للسياج، انضم آلاف الشباب معنا، أصبحنا كأسراب نمل لا أحد يستطيع منعنا بعد الآن، إما النصر أو الشهادة لا خيار لنا، كنا نتمتم بداخلنا بصوت رجل واحد {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}

جئنا اليوم وكان انتصارًا بكل المقاييس استشهد منا الكثير، وقتلنا منهم أكثر ومن عاش منهم أدرك أن الفلسطيني لا يقهر، ويكفي رؤيتهم يتخبطون بقلوب متزلزلة وفروا كالفئران داخل حجورهم التي أصبحت لهم قبورًا رغم تصاعد النيران وثارت براكين الغضب في كل اتجاه، ولكن الله معنا فلا نحزن أو نخاف وانهمرت الأمطار، وعلت صرخات الرعد من كل أركان السماء عدنا من جديد رافعين راية النصر.

-استشهد الشيخ عبد الله ولحق بحفيدته كما تمنى، ولحقت فاطمة بأمها وهي ما زالت تتشبث بضفيرة أمها، عدنا ولكن لم نكتفِ بذلك فسنكون لهم دومًا الشبح المخيف الذي يرهب قلوبهم ومهما قتلوا أطفالنا ونساءنا وشيوخنا، فالنهاية محسومة منذ الأزل، إنَّ نصرنا لقريب، أما هم سيهيمون في الأرض إلى يوم الدين، وسنكون لهم دومًا بالمرصاد.

  • تم اجراء التدقيق اللغوي لهذا العمل بواسطة : عبد الرحمن محمد عبد الصبور محمد
التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

454 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع