هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • حبل من جليد  
  • فَرْق تَسُدّ
  • لازال مجتمعنا المصري متراص
  • الرياضة .. لماذا تم إهمالها في دمياط؟!
  • عنصر الوقت سبب النجاح والفشل 
  • ألف مستحيل
  • بس إنت مش حاسس
  • حكم طهارة إفرازات المهبل عند السيدات
  • توابيت مفتوحة
  • الكتابة .. مساحة من الأمان
  • رمضان .. العطاء
  • الوجه الآخر للعلاقات: حين تنقلب المشاعر
  • لا أشبع الله له بطنآ
  • الدُّمية
  • لحن لم يكتمل
  • علاقة بين الزهايمر و ميكروبات الأسنان
  • قلقٌ وأرق
  • مرج بحرَينا لا يلتقيان
  • العمدة الجديد
  • فضل صيام أيام المغفرة في رمضان
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة شادي الربابعة
  5. كيف كنا وكيف اصبحنا

 

قبل أن يدخل الهاتف النقال (الخلوي) في حياتنا

 كيف كنا

كنا نتواصل اجتماعيا كانت نبضات القلوب تُهلّى وترحب القلوب تعانق القلوب

قلوب صافية كنبع ماء زلال يملأها الحب والمودة كانت أنفاسنا تنشر الحب وبسماتنا تزرع الأمل وعيوننا ترسم الأمنيات والأحلام وأيدينا تبني جسور مودة وسلام كانت الأرواح تُسقينا السعادة والوئام كانت الأرواح تتآلف

كنا أذا اشتكي واحد منا علة و مرض أو سقم كانت القرية كلها تشتكي بأهلها وأزهارها وكأنّ الحزن خيم على هذه القرية تجد القرية ذابلة والقلوب ينتابها الآهات والألم أو كان هناك فرح في قريتي كانت القرية كلها ترقص بأهلها وترقص أزهارها وتنشر في أرجاءها عبق النسيم والطير يشدو في قريتي مترنما 

واذا سافر أحد أبناء قريتي الحبيبة لآداء مناسك حج أو عمرة للحرم أو مسافر لتجارة وربح ومغرم كان أهلها يمكثون في وداعه

أيام وعند العزم على الذهاب يتبعه أهل قريتي وجوههم شاحبة لوداعه 

وأن كان لأحد أبناء قريتي عمل أو يثقل على كاهليه صناعة أو يشق عليه حرفة أو تأخر في حراثة أو زرع أو دياس تجد القرية كلها تعمل كجسد واحد يشد بعضه بعضا بأرواح متآلفه وقلوب متألقه

ليس فينا بطنه الجائع ولا قلبه الطامع ولامقلة الدامع كان هناك بيت واحد للقرية جامع وفرن طابون يأكل منه أبناء القرية الجائع منهم والشابع وجرة فخار تسقي الجار السابع بعد السابع أما ضبية اللبن رمز الخير والبركة

 الكرم والجود منها نابع تسقي الكبير والصغير الذكر والأنثى والضيف أذا أقبل ترحيبا به صحن جارع

ليطفئ في قلبه تعب المسافة و طول المطالع

كان للقرية غطاء واحد غطاء الرحمة والسكينة والأمان على قلب رجل على الحلو والمر ليس بينهم

حاسد أو حاقد كانت أجمل الكلمات والحب مع الدعوات كانت قريتي على قلب رجل واحد تمشي برجل واحدة ويد واحدة ولسان واحد

كانت نسمات الصدق والإخلاص والأمان والوفاء والحياء ونسمات الحب هذه النسمات التي تسكن في قريتي حتى الشيطان والخوف لايستطيع أن يلج قريتي ولا كنا نسمح لللغول التي كنا نسمع عنها في الأساطير لم نكن نسمح لهم بالدخول لقريتي 

كيف أصبحنا 

أصبحنا أشلاء مبعثرة وأرواح مختلفه

نتقياء الكذب والخداع والأملاق تنبض قلوبنا خوفا وخيانة ونفاق والغدر وعدم الحياء ونكذب

ونتاجر في الصدق 

كيف كنا

كنا أذا أقبل الضيف استقبله الصغير قبل الكبير بفنجان الكيف كلاً يريد أن يحضى بشرف الضيافة وأذا جاء رجلاً يزور صديقا له في قريتي هلّا ورحب به كل بيت بكرم وجود ولطف واستضافه عنده ريثما يأتي أويعلم صديقه بقدومه 

  كيف أصبحنا

أما اليوم فالبخل عشش في جسد قريتي حتى أذا جاء سائل يسأل عن صديق او عزيز كأن لا أحد يعرف أبن قريته وكأنه أول مرة يسمع به

كان العاشق في قريتي أن تبسمت له حبيبته كأن الأرض لا تسعه من الفرحة ويخيل أليه كأنه بلبل أو عندليب على دوح يغني للعاشقين ويسمر الليالي الطوال وهو يرسم لهذه البسمة الأحلام والأمنيات والأمال لا يأتيه النوم كان لايداع خل ولا رفيق ولا صديق من أقرانه ألا وحدثه عن تلك البسمة

كان العاشق أذا أراد أن يرسل رسالة حب وغرام وعشق لمحبوبته يرسل لها رسالته على أوراق الورد الجوري يكتب لها على كل ورقة أحبك لعل عبق الورد يشفع له عند محبوبته فتعشقه أو أن ارسل لها مكتوب يغمسه بالعطر الجذاب ويكتب عليها (إلى أعز من على قلبي)

كان العاشق في قريتي يحمل في جيبه أشرطة كاسيت لأم كلثوم ولعبد الحليم رموز الحب والعشق الأبدي في كل زمان ويهديه لمحبوبته معبرا لها عن نشوة الحب والغرام والعشق الذي يسكن قلبه وكان يُسمع حبيبته (يا مسهرني وأمل حياتي وانت الحب) وغيرها من الروائع أو يسمعها للعندليب الأسمر عبد الحليم روائعه (زي الهوى وأهواك ويا مالكا قلبي) 

كيف أصبحنا 

 اليوم الحب سراب وكذب والعشق خداع ونفاق والهيام دجل وظلام ليس فيه صفاء ونقاء وعذوبة

وصبابة يستطيع المراهق في يوم أن يعشق عشرات الفتيات يتغزل معهنّ في آن واحد تجده يراسل على الهاتف فتيات في لحظة واحده 

كيف كنا

كان المعلم كالمربي الذي يربي أبنائه قبل أن يعلمنا القراءة والكتابة كانت التربية والأخلاق خلاق ثم العلم نبع للأخلاق كنا أذا سلك المعلم فجا

سلكنا فجا آخر كيف أصبحنا الطالب لايهمه العلم ولا التربية همه أن يقضي وقته مزاح وضحك وفكاهة في المدرسةوالمعلم لايهم تربية ولا أخلاق همه أن يشرح الدرس ليزيل عن كاهله هم ذاك اليوم

وكان لسان حاله يقول

(من يفهم يفهم ومن لا يفهم ذنبه على جنبه)

كيف كنا 

في قريتي كان الاحترام للكبير واجب والعطف على الصغير رحمة 

كيف أصبحنا

احترام الكبير فكاهةونكته والعطف على الصغير منة وإهانة وذلة

 كيف أصبحنا

حتى جاء هذا النقال(الخلوي) الذي نقل الينا أمراض كثيرة جعلنا في خُلوة ومعزل عن طعم الحياة وحلوها إلى مرها وبؤسها فباعد بيننا المسافات على الرغم من قربها فخلق بيننا الخلافات على ألفها وعقّد التقاليد والعادات على بساطتها وحُسنها وطيبها للكره والأساءة

كيف كنا

قبل السيارة وقبل الهاتف وقبل الدرهم وقبل التلفاز كنا نركب الدواب وعربة الخيل لنصل ونزور أرحامنا وأسفارنا وأسواقنا كنا نأكل مما نزرع ونلبس مما نغزل نحصد من قمحنا وشعيرنا وعدسنا لنحصل على حوائج البيت ولبسنا ورفاهيتنا

قبل التلفاز كنا نجلس في أحضان الكبار نسمع أحاديث مضت من السابقين وأقاصيص الحاضرين كان مجلس علم وتعلم وأخلاق وتربية وقضاء

الخصومات والتسامح فيما بيننا عند مختار القرية كانت أحوالنا وأسماءنا وأعياد ميلادنا وجواز سفرنا

قبل الهاتف النقال كنا نرسل رسائل للمسافرين بالحب والمودة والدعوات مع الحمام الزاجل كنا مترابطين كجذع شجرة أمتد في الأرض فلا ريح تهزه ولا ماء يجرف له تربه ولكن مع الخلوي اصبحنا صم وبكم لا تربطنا بالحياة صلة ولا مودة ولا عشقا يتمنى أحدنا الموت بين أهله وخلانه

كنا نلعب كرة القدم بكومة قماش والكيزة (السبعة أحجار )

ونستمتع بالقفز مع لعبة (الحجلة)كطير (الشنُير) وهو يشبه طير الحجل يقفز في الحقل

 أصبحنا نلعب لعاب إلكترونية تُنمي الكسل والخمول لاتُسمن ولاتغني من جوع لاتفيد ولاتنفع تضر بكثرة ما تحمله من شر

حتى أصبح هذا الخلوي اللعين كألهة العصر الجاهلي تعكف عليه عبادة تمر علينا الليالي والأسابيع لانذكر الله ساهي ولاهي في لعبة (البُبجي أو فري فير) 

كيف كنا

في قريتي كانت البسمة تستيقظ من الحب بعد أن ترتدي الأشواق ثوبها وتتحدث عن أفراحنا وتحاكي الأفراح 

كيف أصبحنا 

البسمة تنام بين أحضان النفاق وترتدي المداهنة وتُعبر عن سخريتنا وتحاكي الاستهزاء 

كيف كنا

كانت الدمعة تنام في أحزاننا ترتدي الألم تعلن الحداد على مآسينا وآلامنا وتتحدث عن أتراحنا وتحاكي آهاتنا تواسينا

كيف أصبحنا

صارت اليوم الدمعة تنام في كذب وخداع ونفاق وتتحدث عن الأملاق والنفاق تهرب من مآسينا تزيد على الهم ألم وعلى الأحزان أسى وتحاكي دموع التماسيح تزيد على الجرح ملح ونزيد على الفساد طغيان

كيف كنا  

كنا في نعيم مع طيبة الحياة وأحلامها الجميلة وبساطتها السعيدة تحملنا على ذراعيها بعطف وحنان ومودة وأشواق وحب

كنا نتنفس شهيق الحب وعطرنا عبير الود نعانق الآمال نسافر مع الأحلام نُجالس الاهل والأصدقاء والاحباب بوئام

نسمع طيب الكلام ونتكلم

بمحاسن الكلام والحِكم

تجمعنا مادة عواطف ووئام

كيف أصبحنا 

مع هذه الحياة لا طيبة فيها نبحث عن السعادة فيها عن علاج للمآسى والآلام والأهات نتمنى الموت ونكره الحياة 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

552 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع